يوم عالمي قاتل للعراقيين.. ملوثات بيئية بالجملة تهدد السكان (صور)

شفق نيوز/ يأتي اليوم العالمي للبيئة هذا العام، في وقت يشكو فيه العراق من ملوثات خطيرة سببها انبعاثات الغاز من حقول النفط، مخلفات المصانع، تراكم النفايات وغياب أساليب الطمر الصحي، إلى جانب تلوث مياه الأنهر، وغيرها من الملوثات.
وتزامناً مع اليوم العالمي للبيئة الذي يحتفل به العالم في الخامس من حزيران/يونيو من كل عام منذ 1973، تسلط وكالة شفق نيوز الضوء على الحالة البيئية في العراق وما تأثَّرت به البيئة خلال السنوات الأخيرة من ملوثات عديدة.
إذ يحتل العراق المرتبة 37 عالمياً والسادس عربياً في مؤشر التلوث لعام 2025، وفق تصنيف موقع "نمبيو" المتخصص بجودة الحياة ومعيشة الأفراد حول العالم.
وكشف التصنيف أن مؤشر التلوث في العراق ارتفع إلى 73.59%، مع تدهور جودة الأماكن الخضراء والحدائق إلى 38.14%. وأبرز التقرير كذلك أن تلوث الهواء بلغ 66.99%، وتلوث مياه الشرب 55.50%، وارتفاع الضوضاء إلى 52.06%.
تلوث هوائي وضوضاء
وتشهد المحافظات العراقية تتكرر العواصف الغبارية بشكل ملحوظ خلال هذا الموسم، مسجلة حضوراً باكراً وزيادة عن العام الماضي، وسط توقعات باستمرارها طيلة فترة فصل الصيف لكن بشكل متفاوت، بحسب خبراء في الطقس والبيئة.
ويعزو الخبراء هذا التكرار إلى افتقار العراق للمقومات الرئيسية لصد الرياح السطحية، أبرزها التصحر والجفاف، حتى بات تصاعد الغبار من أكثر القضايا البيئية خطورة لتأثيراته العميقة على صحة الإنسان واقتصاد البلاد.
وإلى جانب الغبار، تبرز صورة قاتمة للتلوث البيئي في بغداد، إذ يشير عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية، باسم الغرابي، إلى أن العراق شهد مؤخراً ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الأمراض المتعلقة بالتلوث، وذلك وفقاً لتصريحات نقلتها وكالة شفق نيوز.
فيما يقول سكان محليون، أن التلوث البيئي يتفاقم، لاسيما في مناطق جنوب شرقي بغداد، بما في ذلك محيط مدينة بسماية الحديثة، حيث تكدست النفايات والمواد الكيميائية، مما أدى إلى تلوث المياه وخلق مخاوف جدية بشأن صحة السكان والبيئة.
وكانت وزارة البيئة قد أوضحت في وقت سابق أن الانبعاثات الغازية الضارة والروائح الكريهة التي يعاني منها سكان بغداد، خاصة في أوقات متأخرة من الليل، ترجع إلى احتراق النفط الأسود في محطات توليد الطاقة، ومعامل الإسفلت والطابوق، فضلاً عن إشعال النيران في مطامر النفايات غير الصحية في أطراف العاصمة.
من جهته، أوضح رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي، في تصريح سابق للوكالة، أن عوادم المركبات تشكل أكثر من 60% من تلوث هواء بغداد، وذلك ناتج عن محركات الاحتراق الداخلي، وهو ما يشكل خطراً كبيراً على الصحة العامة.
وإلى جانب تلوث الهواء، حذر رئيس مركز "الفرات" البيئي، صميم سلام، في تصريح سابق لوكالة شفق نيوز، من مخاطر "التلوث الضوضائي" في العراق لما يشكله من تهديد للصحة العامة، مشدداً على ضرورة "التحرك الجماعي" للحد من هذا التهديد.
التغير المناخي
يأتي هذا في وقت يضرب التغير المناخي العراق بقوة خلال الأعوام القليلة الماضية وبصورة غير معهودة، حيث يعد خامس الدول الأكثر تضرراً من التغيرات المناخية العالمية وفق وزارة البيئة العراقية والأمم المتحدة.
وكان تقرير سابق لوكالة شفق نيوز، أشار إلى أنه على الرغم من أهمية القطاع الزراعي في العراق لتنمية اقتصاد البلاد والحفاظ على الأمن الغذائي واعتباره مصدراً معيشياً للكثير من المواطنين، لكنه يواجه الكثير من التحديات وخصوصاً في السنوات الأخيرة، أبرزها التطرف المناخي وأزمة المياه وتكلفة الإنتاج.
ويفقد العراق سنوياً 100 ألف دونم (الدونم 1000م مربع)، جراء التصحر، كما أن أزمة المياه تسببت بانخفاض الأراضي الزراعية إلى 50 في المئة وفق تصريحات رسمية.
ووفقاً لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" التابعة للأمم المتحدة، فقد باتت مساحات الغابات في العراق لا تشكل سوى 8250 كيلومتراً مربعاً، أي ما نسبته 2 بالمئة من إجمالي مساحة البلاد.
وتؤكد وزارة الزراعة العراقية، أن البلاد بحاجة إلى زراعة أكثر من 15 مليار شجرة لتأمين غطاء نباتي يقضي على التصحر.
فيما أدى تزايد النشاط العمراني على حساب المساحات الخضراء في العراق، إلى اختفاء أراضٍ زراعية وتحويلها إلى سكنية وتجارية، ما انعكس سلباً على البيئة وزاد من تلوث الهواء والتغير المناخي، وسط توقعات بتنامي ظاهرة "المدن الجزرية" خلال الفترة المقبلة.
ويتزامن ذلك، مع اشتداد أزمة الجفاف في العراق على نحو غير مسبوق، بسبب قلّة هطول الأمطار خلال السنوات الماضية نتيجة التغير المناخي، والسبب الثاني يعود إلى تراجع مستويات المياه الواصلة عبر نهري دجلة والفرات، بسبب سياسات مائية لإيران وتركيا، ما يهدد بوقوع كارثة إنسانية في البلاد.
بدورها، حذرت عضو لجنة الزراعة والمياه النيابية ابتسام الهلالي، في تصريح سابق لوكالة شفق نيوز، من أن العراق مقبل على أزمة جفاف كبيرة خلال فصل الصيف، بسبب تراجع معدلات الأمطار والإطلاقات المائية من تركيا وإيران، ما أدى إلى انخفاض حاد في مستوى نهري دجلة والفرات.
فيما كشف مؤشر جفاف التربة SPI لمنطقة الشرق الأوسط لشهر كانون الأول /2024، وجود جفاف حاد ومتطرف لعموم مناطق العراق (ما بين 1.6-1.8) عن الحد الطبيعي.
التلوث البلاستيكي
وحددت الجمعية العامة للأمم المتحدة موضوع اليوم العالمي للبيئة لهذا العام لمناقشة أزمة التلوث البلاستيكي التي باتت خطراً يهدد أشكال الحياة المختلفة على سطح الأرض.
وعن مخاطر هذا التلوث، أكد رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، في العراق فاضل الغراوي، أن استخدام الأكياس البلاستيكية يشكل خطراً على الحياة والبيئة في العراق، بالإضافة إلى تأثيره الضار على الحيوانات.
وأشار الغراوي، في تصريح سابق له ورد الى وكالة شفق نيوز، إلى استخدام الأكياس البلاستيكية في شراء الخبز أو تغليف الأطعمة الحارة في العراق يؤدي إلى تسرب المواد الضارة إلى داخل أرغفة الخبز بسبب تفاعل الأكياس مع الحرارة.
وتابع، بالإضافة إلى التلوث الناتج عن تناول لحوم الحيوانات مثل الأبقار والأغنام التي قد تبتلع الأكياس البلاستيكية، مما يؤدي إلى تركز المواد الكيميائية في لحومها وعظامها وحليبها، مما يؤثر على الإنسان عند تناولها، وينقل الملوثات إلى الأجنة عبر المشيمة.
وأضاف الغراوي أن العديد من البيوت العراقية تقوم بحرق الأكياس البلاستيكية في المنازل أو في أماكن الطمر العشوائية، مما يؤدي إلى انبعاث غازات سامة مثل الفينولات والكلور إلى الجو.
وطالب الغراوي في الختام الحكومة بمنع استيراد أو تصنيع الأكياس البلاستيكية المخصصة للاستخدام اليومي للأطعمة، وإلزام المحال والأفران والمطاعم باستخدام الأكياس الورقية بدلاً منها.