نيجيرفان بارزاني إلى بغداد في زيارة "الفرصة الأخيرة" لإنهاء معاناة إقليم كوردستان
شفق نيوز/ من المقرر أن يتوجه رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني إلى العاصمة العراقية بغداد غداً الأحد للمشاركة في اجتماع "إدارة الدولة" مساء اليوم نفسه، حاملاً معه ملفات رواتب موظفي الإقليم والموازنة وتصدير النفط والانتخابات المقبلة وغيرها، بحسب مراقبين، الذين توقعوا أن هذه الزيارة قد تكون "الفرصة الأخيرة" لبغداد، وفي حال لم يتم التوصل لحلول دائمة للمسائل العالقة، فقد يتخذ الكورد قرار الانسحاب من العملية السياسية العراقية.
وهذا ما يلوح به الحزب الديمقراطي الكوردستاني في حال عدم الاستجابة لمطالب إقليم كوردستان، حيث يقول عضو الحزب، وفاء محمد، إن "الاجتماع الذي جمع الكتل الكوردستانية وممثلي الإقليم في بغداد اليوم، تضمن الحديث عن انسحاب الكورد من العملية السياسية في حال عدم التزام بغداد بالاتفاقات المبرمة مع إقليم كوردستان وعدم إرسال حصة الموازنة وتنفيذ المواد القانونية المتفق عليها وهي قانون 140 وتشريع قانون النفط والغاز وإيقاف حملات التعريب وإرسال المساعدات العسكرية والصحية، وغير ذلك".
ويوضح محمد لوكالة شفق نيوز، أنه "في حال كان الموقف الكوردي موحداً فأن قرار الانسحاب أفضل من قبول الإذلال الذي يتم ممارسته من قبل الحكومة الاتحادية، وسيكون هناك دعم كامل للمجتمع الدولي لهذه المواقف، لكن أعتقد أن هناك مخضرمين وقياديين وسياسيين كبار في المكون الشيعي والسني سوف يتوصلون إلى حل مع المكون الكوردي، لأن انسحاب الكورد سيؤثر على استقرار العراق، وهذا ما لا يرغب به أحد، وفي النهاية الخيار الأفضل للمكون الكوردي هو الانسحاب في حال عدم استجابة بغداد للمطالب".
ويعيش المواطنون في إقليم كوردستان حياة شبه معطلة، جراء اتساع الإضراب العام عن الدوام في الدوائر الحكومية، والمدارس والجامعات ودوائر المرور بخاصة في السليمانية بسبب عدم استلامهم الرواتب منذ أشهر.
ومنذ سنوات، لم يحل ملف الرواتب في إقليم كوردستان، وبقي معلقاً بين الشد والجذب مع الحكومة الاتحادية، وفي كل عام يتجدد هذا الجدل مع إقرار الموازنة الاتحادية، التي تضع شروطاً على الإقليم مقابل تسلمه حصته منها، وأبرزها تسليمه واردات النفط، لكن منذ عامين، بعد توقف تصدير الإقليم للنفط عبر ميناء جيهان التركي، حولت الحكومة الاتحادية رواتب الموظفين إلى "سلف" تقدم للإقليم.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا، ألزمت، في شهر شباط/ فبراير الماضي، حكومة بغداد بدفع رواتب موظفي إقليم كوردستان مباشرة، دون إرسالها إلى حكومة الإقليم، وذلك بعد تأخر لأشهر بتسليم الرواتب.
وفي هذا السياق، يقول كفاح محمود، الكاتب والباحث السياسي والمستشار الإعلامي للزعيم الكوردي مسعود بارزاني، إن "حصة إقليم كوردستان من الموازنة لم تصل كاملة إلى الإقليم، وهذا يعتبر غبن لشعب الإقليم، في ظل وجود ضغط سياسي لإرباك الإقليم وتقزيم صلاحياته، وهذا ينافي الدستور".
ويضيف محمود لوكالة شفق نيوز، أن "هناك خللاً كبيراً في الأداء الوظيفي على مستوى وزارتي المالية والتخطيط العراقيتين، لذلك سيحمل رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني ملف الرواتب والموازنة ومسألة تصدير النفط في اجتماع إدارة الدولة".
ويؤكد، أن "هذه الإشكالات تحل بصدق النوايا وليس برفع شعارات وتصاريح إيجابية، خاصة وأن البلاد تمر بمرحلة دقيقة وهناك مخاوف كبيرة على مستقبل العراق".
وطالبت حكومة اقليم كوردستان والوزراء وممثلو الاقليم في بغداد، في وقت سابق من اليوم، الحكومة الاتحادية بضمان رواتب عام 2025 كاملة دون نقصان.
وقال المتحدث باسم الحكومة بيشوا هوراماني خلال مؤتمر صحفي، إن "بغداد أرسلت أقل من 7 بالمئة من المستحقات المالية للإقليم لغاية الآن"، مشيراً إلى أن "الحكومة الاتحادية لم ترسل مرتبات كوردستان لشهر كانون الأول/ديسمبر 2024 رغم قطعها الوعد في ذلك".
وأكد هوراماني، أن "بغداد لا تتعامل مع كوردستان ككيان اتحادي دستوري"، مبيناً أن "حكومة الاقليم سلّمت بغداد الاحصائيات كافة الخاصة بالإيرادات المالية وأعداد الموظفين في الإقليم" لافتاً إلى أن "حقوق كوردستان محفوظة ضمن تعديل مشروع قانون الموازنة للعام الحالي".
وفي هذا الجانب، يؤكد عضو لجنة الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم بمجلس النواب العراقي، ثائر عبد الكاظم مخيف، لوكالة شفق نيوز، أن "إقليم كوردستان دائماً ما يعاني من الوضع المالي وتأخير رواتب الموظفين، ويطالب في كل اجتماع بطرح هذه المشاكل أمام الحكومة الاتحادية في سبيل إيجاد الحلول لها".
وتأتي زيارة رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني إلى بغداد "في وقت حساس ومنعطف خطير يمر به العراق، مع اتهامات متبادلة ما بين أربيل وبغداد بشأن رواتب موظفي إقليم كوردستان"، بحسب المحلل السياسي، أثير الشرع.
ويضيف الشرع لوكالة شفق نيوز، أن "الإقليم يقول إن بغداد لا تفي بالتزاماتها بما يخص تزويد موظفي إقليم كوردستان بالرواتب، وأن قطع قوت المواطنين قد يؤدي إلى أمر خطير، لذلك تعتبر زيارة نيجيرفان بارزاني إلى بغداد، هي الأخيرة وفي حال لم يتم التوصل إلى حل دائم فقد يتخذ الكورد قرار الانسحاب من العملية السياسية، ما يؤكد أهمية اتفاق الحكومتين في بغداد وأربيل بما يخدم مصلحة المواطن الكوردي وباقي المحافظات العراقية".
وكان رئيس حكومة إقليم كوردستان، مسرور بارزاني، قد قال في اجتماع غير اعتيادي عقد صباح اليوم في أربيل حول مسألة رواتب الموظفين، إن "تعامل بغداد مع كوردستان ليس تعاملاً مع إقليم اتحادي، وتوصلنا إلى نتيجة مفادها أن سلوك بغداد تجاه إقليم كوردستان ظالم وغير عادل وغير مقبول، وينبغي تصحيح مسار العلاقات بين إقليم كوردستان وبغداد".
وأكد مجلس وزراء إقليم كوردستان، في 8 كانون الثاني الجاري، أنه أوفى بالتزاماته على أفضل وجه ممكن وهو يواصل جهوده مع الحكومة الاتحادية لتوفير الرواتب والمستحقات المالية للإقليم.
وقال المجلس خلال جلسة اعتيادية ناقش فيها مسألة رواتب الموظفين: "للأسف بسبب الإجراءات التي اتخذتها وزارة المالية الاتحادية، على الرغم من أننا الآن في كانون الثاني/ يناير من 2025 والموظفون في المحافظات الأخرى من العراق استلموا رواتب شهر كانون الأول/ ديسمبر 2024، لكن إقليم كوردستان لم يستلمها".
وأكد في بيان ورد لوكالة شفق نيوز أن "حكومة إقليم كوردستان قامت بحل جميع المسائل المتعلقة بالموازنة العامة وقوائم الرواتب".
لكن رغم ذلك، يقول الباحث في الشأن السياسي د.سيف السعدي، إنه "من غير المتوقع حل هذه المشاكل، ففي وقت يقدم الإقليم الحجج بأنه التزم بما ورد في الموازنة الاتحادية العامة خاصة في المادتين 13 و14 بتصدير النفط عن طريق شركة سومو التابعة لوزارة النفط العراقية، تقدم بغداد أيضاً حجج بأن الإقليم لم يسدد ما مطلوب منه من واردات خلال الأعوام السابقة وهي جزء من الموازنة العامة الاتحادية".
ويضيف السعدي لوكالة شفق نيوز، أن "هذه الخلافات من غير المتوقع أن تصل إلى حل في الأيام المقبلة لاسيما بعد انتهاء شهر العسل ما بين حكومة السوداني وحكومة الإقليم بعد أن شهدت في الفترة السابقة ترطيب الأجواء وهدوء نسبي، لاسيما وأن البلاد مقبلة على انتخابات وسيكون قانون الانتخابات ضمن جولة الصراع ما بين بغداد وأربيل وما بين الطبقة السياسية بشكل عام".
ويوضح، "حيث إن الأحزاب السياسية تحاول تشريع قوانين تتناسب مع مقاساتها وليس نزولاً لرغبة القواعد الاجتماعية أو الجماهيرية، وكذلك الحال في الإقليم الذي يبحث عن مصالحه بعد قرار المحكمة الاتحادية بتخفيض عدد مقاعد برلمان إقليم كوردستان، ما قد يؤثر على الوزن الصوتي سواء للديمقراطي الكوردستاني أو الاتحاد الوطني وقوائم أخرى ناشئة من شأنها التأثير على حكومة إقليم كوردستان".
ويتابع "لذلك سيبحث رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني خلال زيارته لبغداد عن مصالح الإقليم بأن يكون هناك قانون انتخابي يضمن مشاركة عادلة وفاعلة لإقليم كوردستان وبما ينسجم مع رغبة الفاعل الكوردي في مجلس النواب العراقي".
لكن في المقابل، يتوقع باقر الساعدي النائب عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن يفضي اجتماع رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني مع الإطار في بغداد غداً إلى "حل أزمة رواتب الإقليم، فضلاً عن مناقشة الانتخابات المقبلة".