من السلاح للازدهار.. تقرير أوروبي يؤشر تحول العراق الى قبلة للسائحين

من السلاح للازدهار.. تقرير أوروبي يؤشر تحول العراق الى قبلة للسائحين
2025-04-16T12:34:45+00:00

شفق نيوز/ نشرت صحيفة "نويه تسورخر تسايتونغ" السويسرية المعروفة اختصار بـ"أن زد زد"، اليوم الأربعاء، تقريراً عن تحسن واقع السياحة في العراق، مؤكدة أن البلاد استعادت عافيتها وتحولت الى مركز للازدهار بعد أن كانت تعج بالفوضى ومشاهد العنف والسلاح.

وذكرت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "العراق وضع تاريخه الحديث خلفه وبدأ يرحب بالسياح بعد أن كان ينظر اليه على انه جحيم على الأرض، لكن البلاد استعادت استقرارها، والحكومة تعمل جاهدةً لجذب الزوار"، مبينا ان "مدن مثل بغداد والبصرة تشهد تغيرات ملحوظة، بما في ذلك تجديد الشوارع والمواقع التاريخية، وتجذب المواقع الدينية، وخاصة المراقد في كربلاء، ملايين الحجاج، وتسعى الحكومة إلى الاستفادة من قيمتها الاقتصادية والسياحية".

واضاف التقرير، انه "كان يُنظر إلى هذه الدولة النفطية على نطاق واسع على أنها جحيم على الأرض، مكان تتقاتل فيه الميليشيات المتعصبة، وتنفجر فيه السيارات المفخخة يوميًا، ويُلبس فيه المتشددون الإسلاميون الأجانب ملابس برتقالية قبل أن يقطعوا رؤوسهم أمام الكاميرات، والآن كل شيء يتغير، وبعد سنوات من الفوضى العارمة، تنعم بغداد اليوم بحالة من الاستقرار".

واشار الى انه "ونتيجةً لذلك، لدى حكومة العراق الذي كان يسوده الفوضى سابقًا خططٌ طموحة، أن يصبح وجهةً سياحية مع إمكانياتٍ واعدة في هذا الصدد"، موضحا ان "بلاد الرافدين، في نهاية المطاف، هي مهد الحضارة، حيث نشأت الزراعة، وأسس السومريون والبابليون والعرب إمبراطورياتٍ عظيمة هنا".

وذكر ان "العراق يضم أكثر من 12,000 موقع تراثي مُدرج في قائمة اليونسكو، بما في ذلك آثار بابل وأور، وما يُفترض أنه بقايا حدائق بابل المعلقة، إحدى عجائب الدنيا السبع، ويشتهر العراقيون بكرم ضيافتهم، كما اختيرت بغداد مؤخرًا عاصمةً للسياحة العربية لعام 2025، وقد أطلقت الحكومة تأشيرة إلكترونية".

 

بغداد "مغامرة عظيمة"

وينقل التقرير عن "أحمد قتيبة" وهو مواطن بغدادي، يفتح سيارته "دودج تشارجر" حمراء نارية، تشبه سيارات سلسلة أفلام "السرعة والغضب" لنقل السياح عبر بغداد، وقد  كان يعمل سابقًا في منظمة أوكسفام للإغاثة، والآن، يمكن للزوار حجزه كمرشد سياحي مقابل 250 دولارًا أمريكيًا يوميًا، يقول: "أُعيل نفسي ماليًا، كان لديّ مؤخرًا مجموعة سياحية من رومانيا، فاضطررتُ لاستئجار حافلة لهم".

ويضيف ان "بغداد مرّت بظروفٍ قاسية، حيث تقاتل المتطرفون الشيعة والسنة هنا وارتكبوا مجازر بحق المدنيين، لكن بعد أن صدت المدينة هجومًا لتنظيم داعش عام 2015، تغيرت الأحوال، واليوم، تشهد بغداد أعمال بناء متجددة، ترفع الرافعات أبراجًا شاهقة جديدة، وتُبنى الطرق السريعة في كل مكان".

واوضح التقرير، انه "في مركز المدينة القديمة، جددت الحكومة شارع المتنبي الشهير، حيث تُباع الكتب منذ قرون، وفي ستينيات القرن الماضي، كانت بغداد إحدى العواصم الثقافية في الشرق الأوسط، ولم يبقَ من هذه الحقبة سوى آثار قليلة، بعد ان دفع سفك الدماء في السنوات الأخيرة الكثيرين إلى الفرار من البلاد، ومع ذلك، لا يزال المثقفون موجودين في شارع المتنبي".

 

كربلاء قبلة للزائرين

وبين التقرير، أنه "في كربلاء يقع ضريحا الإمامين الحسين والعباس على بُعد ساعة ونصف تقريبًا بالسيارة من بغداد، وتُعد مساجدها الضخمة بثرياتها الكريستالية من أهم المزارات لدى المسلمين الشيعة، حيث يتوافد الزوار من كل حدب وصوب إلى كربلاء أو النجف المجاورة، حيث دُفن الامام علي، وتُعد هذه المزارات في وسط العراق من أكثر الأماكن زيارةً في العالم".

ولفت الى انه "يزور هذا المكان حوالي عشرين مليون زائر سنويًا خلال شهر"، منوها الى انه "داخل المرقد، من الشائع رؤية رجال ينفجرون بالبكاء، أو يجلسون ببساطة على الأرض يحدقون في العدم بذهول".

واكد انه "في الخارج، تبدو الأمور أكثر بساطة، في الشوارع المؤدية إلى الأضرحة المقدسة بقبابها الذهبية، يبيع الباعة كل شيء تقريبًا، من الأدوات الدينية إلى الملابس والهواتف المحمولة".

وينقل التقرير عن "نجم" رئيس الأمن في احدى المراقد بكربلاء القول، إن "المؤسسات المحيطة بالأضرحة أصبحت منذ زمن طويل مؤسسات تجارية ضخمة، الدولة تستثمر أيضًا في كربلاء، ببناء الفنادق والمطاعم".

 

العراق دولة علمانية

وبحسب التقرير، "كان العراق يُعتبر دولة علمانية، حيث عيّن الرئيس السابق صدام حسين ماركة الويسكي "جوني ووكر" مشروبًا وطنيًا، ولكن منذ سقوطه، أصبحت الحياة الاجتماعية أكثر تقييدًا، ليس فقط في كربلاء"، موضحا ان "الحكومة شنّت حملة على مبيعات الكحول وأغلقت معظم الحانات في بغداد، ومنذ ذلك الحين، يشرب العراقيون الكحول في منازلهم، أو يسافرون إلى المناطق الكردية في اقليم كوردستان، أو يرتادون أحد حانات الفنادق القليلة التي لا تزال مفتوحة في العاصمة".

واوضح انه "في حانة "الأوقات السعيدة" بفندق فلسطين، تُقدّم نساءٌ بمكياجٍ فاخرٍ أكوابًا صغيرةً مليئةً بالشنابس، بينما يُلقي رجالٌ بشواربٍ تشبه شوارب صدام رُزمًا من النقود المزيفة في الهواء".

وبين انه "لفترة طويلة، كان هذا الأمر شبه مستحيل في العراق، وخلال سنوات الحرب الأهلية المظلمة وغزو داعش، تحصن العديد من العراقيين في منازلهم، وكانت كل خطوة خارجها تُهدد حياتهم، لكن الآن، وبعد أن حلّ بعض الاستقرار في البلاد، أصبح الناس يخرجون أكثر، وكأنهم يُريدون تعويض ما فاتهم، ونتيجةً لذلك، امتلأت مطاعم بغداد، وظل الناس يتجولون في الشوارع حتى وقت متأخر من الليل".

 

البصرة تتجدد

وفي البصرة نقلت الصحيفة عن "بدر" وهو مدير للقطارات منذ 32 عامًا، قائلاً: "كنا نعمل دائمًا تقريبًا، حتى خلال الحرب، القطار رمزٌ لإرادة العراقيين في المقاومة، والآن نأمل في استقبال زوار من الخارج".

وذكر التقرير، انه "في البصرة، يتضح جليًا مدى عمق الرغبة في الحياة الطبيعية، والمدينة، التي كانت تُعتبر حتى وقت قريب مدينةً مهجورة، أصبحت الآن مُجددة"، لافتا الى انه "على كورنيش شط العرب، حيث يصبّ نهرا دجلة والفرات في الخليج العربي، تتجول العائلات في شوارع مُعبّدة حديثًا، وفي البلدة القديمة، جدّدت اليونسكو بعض المنازل القديمة، ويوجد الآن متحف تاريخي صغير وفندق خمس نجوم تقيم فيه مجموعة سياحية بلجيكية".

واكد ان "البصرة تشكو تلوث الهواء وارتفاع درجات الحرارة، كما يُهدد تغير المناخ الأهوار القريبة، وهي مستنقعات شاسعة تعج بالجواميس المائية وغابات القصب التي لا نهاية لها".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon