ملابس "شي إن" تغزو بغداد وتدفع "البالا" إلى الاندثار (صور)

ملابس "شي إن" تغزو بغداد وتدفع "البالا" إلى الاندثار (صور)
2025-05-06T08:04:12+00:00

شفق نيوز/ عند التجول في الأسواق الشعبية في العاصمة العراقية بغداد، مثل باب المعظم والبياع، يطغى ضجيج الباعة على المكان حتى يصعب على المارة تمييز الكلمات المنبعثة من مكبرات الصوت، إذ يتنافس الجميع في الترويج لبضاعتهم، بدءاً من بائعي الخضار إلى من يعرضون الملابس الصينية الرخيصة.

ففي تلك الأسواق، يختلط صوت بائع الطماطم مع صراخ من يفرغ كيساً ضخماً من الملابس على بسطته، مردداً "كسر جديد.. لحّك يا ولد!"، في مشهد بات مألوفاً لدى روّاد هذه الأسواق.

وقد انتشرت بشكل واسع ظاهرة بيع الملابس الصينية، ولاسيما منتجات شركة "شي إن"، وهي بضائع جديدة يفضلها كل من الباعة والمشترين على حد سواء، لما توفره من تنوع وسعر منخفض.

الـ "شي إن".. لعبة حظ

يقول حسن عماد صاحب الـ 35 عاما، أحد باعة سوق البياع، إن "البضائع تأتي إلى العراق على هيئة شحنات تُعرف محلياً باسم (الشليف)، وهي أكياس كبيرة تحتوي على ملابس وأجهزة كهربائية وأحذية ومواد منزلية، وأحياناً تحتوي على سلع ثمينة للغاية".

وفي حديث لوكالة شفق نيوز، يضيف أن "سعر الكيس الواحد يتراوح بين 100 إلى 200 ألف دينار عراقي، ويضم نحو 500 قطعة من الثياب، تُباع القطعة الواحدة منها بثلاثة آلاف دينار، بينما تُباع ثلاث قطع مقابل خمسة آلاف دينار، ما يحقق أرباحاً قد تصل إلى مليون ونصف المليون دينار".

ووفقاً لحديث عماد، فإن العمل ليس سهلاً كما يبدو، إذ أن بعض الأكياس تحتوي على ملابس غير مناسبة للموسم أو ذات جودة ضعيفة، ما يجعل هذا النوع من التجارة أشبه بـ "لعبة حظ".

وتتنوع محتويات أكياس "شي إن" بين الأجهزة الكهربائية والمواد المنزلية والحقائب النسائية، ولا تقتصر فقط على الملابس، لكن ما يميز هذه البضائع عن منتجات "البالا" (وهي ملابس أوروبية مستخدمة)، هو أن جميع القطع جديدة وغير مستعملة، وهو ما يجعلها أكثر قبولاً لدى شريحة واسعة من المستهلكين.

انتقالات وأرباح موسمية

من جانبه، يوضح بسيم جلال صاحب الـ 20 عاماً، وهو بائع في سوق باب المعظم، أنه "يشتري الصندوق بسعر 250 ألف دينار، ويحتوي على مواد متعددة الأحجام مكتوب على كل منها السعر الأصلي، ليتم بعد ذلك تسعيرها محلياً بالدينار العراقي مع إضافة هامش ربح معقول.

ويضيف أن أماكن عرض هذه البضائع تتغير تبعاً للحركة التجارية، ففي أيام الدوام الرسمي تُنصب البسطات بجوار مجمع الكليات لاستهداف الطلبة، أما في أيام العطل فيتم التوجه إلى مناطق مثل الباب الشرقي وساحة الوثبة حيث يتزايد إقبال الناس.

بينما يؤكد البائع رضا عبد الحسن الكعبي هو الآخر أن "البضائع الصينية أفضل من حيث الربحية وسرعة البيع مقارنة بملابس البالا"، مبيناً أن "الأكياس والصناديق التي تصل من الصين تحتوي على ملابس ذات تصاميم حديثة ومتنوعة، مثل البناطيل والقمصان والبلوزات، وجميعها جديدة ورخيصة".

وقد شهد التبادل التجاري بين العراق والصين نمواً ملحوظاً، حيث أعلن السفير الصيني في بغداد، تسوي وي، في كانون الثاني/ يناير الماضي أن "حجم التبادل التجاري بلغ 50 مليار دولار في العام السابق، مع توقعات بارتفاعه إلى 54 مليار دولار خلال هذا العام، وفقًا للمجلس الاقتصادي العراقي".

الخوف من الأمراض الجلدية

ويُعزى الإقبال المتزايد على بضائع "شي إن" إلى عوامل تتجاوز الأسعار المنخفضة، إذ يرى البعض أنها أكثر أماناً من ملابس "البالا" المستعملة، والتي قد تسبب أمراضاً جلدية.

في حين، تقول مروة فاضل صاحبة الـ 35 عاماً، لوكالة شفق نيوز، إن "هذه الملابس جديدة وآمنة، وتختلف تماماً عن الملابس المستعملة التي يمكن أن تضر بالصحة، كما أن أسعار ملابس البالا ارتفعت مؤخراً بفعل الترويج الزائف من بعض صناع المحتوى والبلوكرية، الذين أوهموا الناس بأنها مستوردة من ماركات عالمية".

ويبدو أن فئة الطلبة هم من أكثر الفئات المستفيدة من هذه البضائع، نظراً لحاجتهم الدائمة إلى تجديد ملابسهم بما يتناسب مع دخلهم، لذلك يقول الطالب عدي رافد، إنه يشتري من هذه البسطات كل ما يحتاجه، من مكائن الحلاقة إلى الأحذية الرياضية والملابس، وكلها بأسعار مناسبة.

في المقابل، هناك من يرفض هذه البضائع رفضاً قاطعاً، مثل المواطنة عذراء حمادي صاحبة الـ 28 عاماً، التي تقول إنه "لا تعجبها هذه المنتجات على الإطلاق، كون معظمها مصنوع من مادة النايلون، وهي غير مناسبة للطقس الحار وتسبب الحساسية".

تحذير اقتصادي من المستورد

في غضون ذلك، يحذر المحلل الاقتصادي أحمد عبد ربه، من الأثر السلبي لهذا الإغراق السلعي على الاقتصاد الوطني، موضحاً أن واردات العراق من الصين بلغت 14 مليار دولار في 2023، ما يجعل الصين من أكبر الشركاء التجاريين للبلاد.

ويشير عبد ربه، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "انخفاض أسعار هذه المنتجات يعود إلى تدني تكاليف الإنتاج في الصين"، مرجّحاً "استمرار نمو الاستيراد في ظل فرض رسوم أمريكية إضافية على البضائع الصينية".

ويضيف عبد ربه، أن "الحل يكمن في تنشيط الصناعات المحلية، خاصة في مجالات الملابس والحقائب والأحذية، لما لها من دور مهم في حفظ العملة الصعبة وتوفير فرص العمل".

ويختتم بالقول: "رغم الإقبال الكبير على المنتجات الصينية لرخص أسعارها، إلا أنها غالباً ما تكون سريعة التلف وذات جودة منخفضة، الأمر الذي يكرس من تبعية السوق العراقية للسلع المستوردة، في ظل تراجع الإنتاج المحلي وارتفاع تكاليفه".

 

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon