لمسة خضراء في الزوايا الضيقة.. نباتات الظل تعيد الحياة إلى منازل العراقيين (صور)

لمسة خضراء في الزوايا الضيقة.. نباتات الظل تعيد الحياة إلى منازل العراقيين (صور)
2025-06-08T20:01:04+00:00

شفق نيوز/ في صباح دافئ من أيام حزيران يونيو، كانت سناء عبد الحسين تمرّر أناملها فوق أوراق نبتة "الزاميا" التي وضعتها بعناية في ركن صالة استقبالها. "البيت الذي لا توجد فيه نباتات يبدو جامدًا"، تقول بابتسامة. "هذه النباتات تمنح المكان حياة وهدوءاً نحن بحاجة ماسّة إليهما".

في بلد تتقلص فيه المساحات الخضراء عامًا بعد عام، وسط زحف الإسمنت على بيوت الأحياء الشعبية في بغداد والمدن الكبرى، باتت نباتات الظل نافذة صغيرة نحو الطبيعة.

في العاصمة العراقية حيث غالبية المنازل الحضرية اليوم لا تتجاوز مساحتها 50 متراً مربعاً (بل أقل في بعض الحالات) لجأ كثير من السكان إلى هذه النباتات لتزيين المساحات الضيقة وتحقيق توازن نفسي في بيئة معمارية خانقة.

"هناك أنواع عديدة من نباتات الظل سهلة العناية التي لا تحتاج سوى للري عند جفاف التربة"، يقول محسن جبار، خبير نباتات الظل في بغداد لوكالة شفق نيوز.

نباتات مثل "جلد النمر" أو "الزاميا"، وفقاً لجبار، تُسقى مرة واحدة في الشهر فقط.

ويضيف أن نحو 90% من النباتات المتوفرة في الأسواق العراقية مستوردة من تركيا، إيران، هولندا، والصين.

في السنوات الأخيرة، مع ارتفاع أسعار العقارات وشيوع الشقق الصغيرة، لم يعد بمقدور كثير من العائلات الحفاظ على حدائق خاصة، لذا ظهرت نباتات الظل كخيار عملي يعوّض فقدان الخضرة، لا فقط عن طريق الشكل، بل عبر تأثيرها النفسي والبيئي.

في سوق "باب الشرقي"، أحد أكثر الأسواق شهرة في تجارة النباتات وسط بغداد، يجد الزائر أكثر من 400 نوع مختلف. "القطعة التي تُباع في المحال بـ30 ألف دينار أجدها هنا بألفي دينار"، يقول سجاد سعد، الذي جاء من محافظة بابل للتسوّق. "الأهم أنها أجمل، خصوصاً نباتات القطن الباردة والمريحة للنظر".

لكن العناية بالنباتات ليست دومًا بلا تحديات. تقول سناء عبد الحسين: "بعض النباتات تذبل رغم العناية المستمرة. أحياناً لا نفهم لماذا". ويرد جبار بأن بعض الأنواع تتطلب تربة خاصة، مثل نبات "البتموس" الذي يحتاج إلى تربة تحتفظ بالرطوبة لفترات طويلة.

ما وراء الجانب الجمالي، ثمّة أثر أعمق. "وجود النباتات داخل المنازل يساهم في تنقية الهواء وخفض التوتر"، يشرح الباحث النفسي حسين حمدان. "النمو البطيء للنباتات يمنح الإنسان إحساساً بالسكينة، كما أن الاهتمام الجماعي بها داخل الأسرة يعزز العلاقات العائلية".

في منزل أسعد زهير، البالغ من العمر 43 عامًا، تحوّل السطح وغرفة الاستقبال إلى مساحة خضراء صغيرة. "تربيت في الريف بين البساتين"، يقول. "لا أستطيع أن أعيش في مكان يخلو من الخضرة".

وبينما تستبدل الحدائق بجدران إسمنتية، وتختفي الأشجار من الشوارع تدريجيًا، تُصبح نباتات الظل في الداخل بمثابة بصيص أمل أخضر، طريقة صامتة لكن فعّالة لمقاومة كآبة المشهد الحضري.

"هي أكثر من ديكور"، يضيف حمدان. "هي استعادة رمزية للطبيعة التي نخسرها في الخارج، محاولة لإبقاء الروح خضراء في مدن تزداد رمادياً".

 

 

 

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon