شارع "جسور الأجيال" في الرمادي.. أشجار تحمل أسماء العراق وتثمر تعايشاً (صور)

شفق نيوز/ في قلب مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، وتحديداً في أحد أحيائها الهادئة، يمتد شارع ليس كغيره من الشوارع. أُطلق عليه السكان اسم "شارع جسور الأجيال"، لكنه لا يربط بين منطقتين جغرافيتين فقط، بل بين العراقيين من شمالهم إلى جنوبهم، ومن غربهم إلى شرقهم.
في منتصف الشارع، اصطفت أشجار صغيرة زرعها أبناء المدينة، وكل واحدة منها تحمل اسم محافظة من محافظات العراق، مشهدٌ بقدر ما هو بسيط، بقدر ما يعكس رسالة عميقة، أن الرمادي، بعد سنوات من الحرب والانقسام، تمد يدها للجميع، وتدعو إلى التعايش ونبذ الفرقة.
يعود إطلاق المبادرة إلى مجموعة من شباب المدينة الذين قرروا أن يتركوا بصمتهم عبر عمل رمزي يعكس رؤيتهم لعراق موحّد، فبدلاً من الشعارات، حملوا المعاول، وبدأوا بغرس الأشجار في الشارع.
يقول الناشط المدني محمد صبار، لوكالة شفق نيوز، إن "الفكرة تشير إلى كيفية التعبير عن الرفض لخطابات الكراهية، ونحن بحاجة إلى فعل يتجاوز الخطاب، يحمل رسالة للمجتمع كله، فكانت الأشجار هي الجسر، أن تحمل كل شجرة اسم محافظة عراقية، كأن نزرع العراق كله هنا في الرمادي".
أما بالنسبة لسكان الشارع، فلم تكن المبادرة مجرد حملة بيئية، بل تحوّلت إلى ما يشبه الهوية الجديدة للمنطقة.
وتقول أم عمر، وهي ربة منزل تسكن أحد البيوت المطلة على الشارع "صحيح أن الأشجار ما زالت صغيرة، لكن مجرد رؤيتها مزروعة على امتداد الشارع يعطينا شعورًا بالأمل".
وتضيف السيدة لوكالة شفق نيوز: "كل شتلة باسم محافظة، وكأننا نستقبل العراق كله هنا في الرمادي، الأطفال يسألون عن أسماء المحافظات، ويتعلمون عنها من خلال الأشجار، هذه المبادرة زرعت فينا إحساساً مختلفاً، حتى لو لم تكبر الأشجار بعد".
بعض المشاركين في الحملة تعمّدوا اختيار أشجار من أنواع محلية تشتهر بها مدن عراقية أخرى، وكأنهم يعيدون رسم خريطة العراق بالنباتات.
يقول علي خالد الفهداوي، أحد المتطوعين لوكالة شفق نيوز: "نحن جيل يريد أن يُعرف بصنع الحياة، لا الخراب. رمزياً، كل شجرة تمثل محافظة، لكن فعلياً، كل شجرة تمثل حكاية أمل نزرعها في مدينتنا".
ولا تمر سيارة أو عابر إلا ويلتقط صورة للشارع، الذي تحوّل تدريجياً إلى معلم محلي، يتداوله ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي. وبينما لا تزال التحديات الأمنية والسياسية قائمة في العراق، يظهر هذا الشارع الصغير كضوء في نفق طويل.
ويأمل سكان الرمادي أن تنتقل هذه التجربة إلى مدن عراقية أخرى، لتكون الأشجار جسوراً حقيقية، تربط لا تفصل، وتوحّد لا تفرّق.