حتى لا يكون الجبهة المقبلة.. توصيات اوروبية لدعم بقاء العراق خارج الصراع "الإيراني - الإسرائيلي"
شفق نيوز/ قدم معهد "مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي" عدة توصيات لأوروبا التي لها قدرة تواصل مع القيادات العراقية، أكثر مما لدى المسؤولين الأمريكيين، من أجل العمل على مساعدة بغداد على البقاء خارج الصراع الاسرائيلي-الايراني.
وبرغم أن تقرير المعهد الأوروبي قال إن دائرة التصعيد بين اسرائيل وإيران، دخلت مرحلة تهدئة حيث يقوم الطرفان بتقييم كيفية تعامل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مع الشرق الأوسط عندما يتولى منصبه في كانون الثاني/يناير، الا انه اشار الى ان هذه التهدئة، وحتى وقف إطلاق النار الهش في لبنان، لا تقود الى هدوء اعصاب بغداد، حيث ان العراق قد يجد نفسه منجرفاً إلى الحرب المتسعة في المنطقة.
وبعدما لفت التقرير الصادر تحت عنوان "تجنب الجبهة المقبلة: نضال العراق للابتعاد عن الصراع الاسرائيلي-الايراني" وترجمته وكالة شفق نيوز؛ الى المزاعم الاسرائيلية بان الهجوم الايراني المقبل قد ينفذ من العراق، ما قد يستدعي قيام اسرائيل بتوجيه ضربات الى العراق، اشار الى ان تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وايران قد يقود الى احتمال قيام الفصائل المسلحة المتحالفة مع إيران، بشن حملة عنيفة ضد اسرائيل، الحليف الوثيق للولايات المتحدة.
ورأى التقرير؛ أنه في ظل فشل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فانه يتحتم على الأوروبيين الاستمرار في التركيز على منع الصراع من الانتشار، مضيفا ان الحكومة العراقية والزعماء الدينيون الشيعة، لعبوا دورا أساسياً في منع الفصائل الشيعية المسلحة، من شن هجمات ضد المصالح الأمريكية والإسرائيلية طوال العام الماضي.
واضاف قائلاً؛ انه بالنظر الى الموارد الكبيرة التي أنفقتها الحكومات الاوروبية من اجل تحقيق الاستقرار في العراق بعد موجات العنف على طوال العقدين الماضيين، فإنه يتحتم على اوروبا دعم القيادة العراقية والقيادات الدينية في عملها من أجل حماية البلد من تجدد الصراع.
وذكر التقرير؛ أن العراق يحاول تحقيق توازن في العلاقات المتوترة بين "أكبر جيرانها"، أي إيران التي تربطها معه علاقات دينية وثقافية، وبين الولايات المتحدة، الذي وصفه بأنه الحليف الذي ساعد العراق على هزيمة تنظيم داعش، مضيفا أن ديناميكية محاولة التوازن هذه، تعززت بسبب وجود كل من الفصائل العراقية المدعومة من إيران والجيش الامريكي على أراضي العراق طوال العقدين الماضيين.
وفي حين قال التقرير إن إخراج القوات الامريكية من العراق كان اولوية قصوى وهدفا للفصائل العراقية منذ فترة طويلة، الا انه اشار الى انه أصبح أكثر إلحاحاً بسبب الدعم الأمريكي لحروب إسرائيل في غزة ولبنان.
ولفت التقرير إلى ان مسؤولين عراقيين آخرين قد ينظرون بشكل عملي الى الوجود الامريكي في العراق، باعتبار أنه شكل من أشكال الردع ضد وقوع هجمات اسرائيلية على الاراضي العراقية.
وتابع التقرير ان الحكومة العراقية والزعماء الشيعة مارسوا ضغوطات على الفصائل المسلحة لتجنب توريط البلد في دورة جديدة من الصراع، إلا أنه منذ توسعت الحرب الاسرائيلية على لبنان، فان هذه الفصائل استأنفت هجماتها المحدودة على إسرائيل وهددت باستهداف القوات الامريكية مجددا، مشيرا إلى أن الفصائل تتعرض الآن لضغوط داخلية مكثفة لجعلها تتصرف بمسؤولية وتجنب الأفعال المتهورة التي تثير المزيد من الصراع.
وقال التقرير؛ إنه رغم تعاطف الرأي العام العراقي مع القضية الفلسطينية ومعاناة اللبنانيين، إلا ان هناك استياء ايضا من التدخل الإيراني في الداخل العراقي، حيث ان الجمهور العراقي ليس مستعدا لتحمل صراع مدمر آخر.
واضاف التقرير انه في ظل اقتراب الانتخابات الاتحادية في خريف العام 2025، فإن السياسيين العراقيين سيحاولون تأمين الدعم الشعبي من خلال النأي بأنفسهم عن إيران.
واشار الى ان نجاح الضغط المتجدد لوقف الهجمات قد لا يستمر طويلا في حال فشل وقف إطلاق النار في لبنان وصعدت إدارة ترامب من إجراءاتها ضد ايران وحلفائها، لافتاً إلى أنه سيكون للزعماء السياسيين والدينيين الشيعة في العراق، بما فيها دور المرجع الاعلى السيد علي السيستاني، دور حيوي في منع هذه النتيجة، مذكرا بمواقف السيستاني خلال اجتماعه مؤخرا مع ممثل الأمم المتحدة في العراق، وهي مواقف أعربت الأحزاب السياسية، بما في ذلك الأحزاب الشيعية، عن دعمها لها، الى جانب رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والائتلاف الحاكم، وحتى رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي، الذي يعتبره الغرب منذ فترة طويلة حليفا قويا لإيران، وزعيم منظمة بدر هادي العامري الذي تحدث عن ضرورة تجنب جر العراق الى صراع اقليمي.
ماذا تستطيع أوروبا أن تفعل؟
وختم التقرير بتقديم توصيات حول ما بامكان اوروبا القيام به، موضحا ان دول الاتحاد الأوروبي التي للعديد منها وجود في العراق، عليها دعم العراق بينما يحاول زعماؤه حماية بلدهم من الانجرار الى الحرب.
واعتبر التقرير ان الدبلوماسيين الأوروبيين في العراق يواجهون مقاومة أقل من تلك التي يواجهها المسؤولون الاميركيون في الالتقاء مع الزعماء السياسيين والدينيين في العراق، وانه عليهم استخدام قدرتهم هذه من اجل دعم قادة العراق، بما في ذلك المؤسسة الدينية في النجف، في ما يتعلق بضغوطهم على الفصائل المدعومة من إيران، للامتناع عن شن هجمات من العراق.
واضاف ان على الدبلوماسيين الأوروبيين توجيه هذه الرسالة الى طهران وممارسة ضغوط منسقة على قادتها وحلفائها الإقليميين، حتى لا يستخدموا العراق كقاعدة انطلاق لهجمات جديدة.
والى جانب ذلك، قال التقرير إنه يتحتم على الأوروبيين ابلاغ اسرائيل وادارة ترامب القادمة، بأن علاقة العراق مع إيران ليست مجرد علاقة بالوكالة، وان على اسرائيل وإدارة ترامب ألا تعرقلا محاولة العراق الحصول على قدر أكبر من القدرة على إدارة أمورها بعيدا عن طهران، وان الاميركيين والاسرائيليين بمقدورهم تحقيق ذلك بشكل أفضل من خلال عدم تقويض جهود العراق لامتلاك درجة أكبر من الاستقلالية السياسية، وعدم جعل العراق يستسلم بانخراطه في الصراع، والذي من شأنه عندها أن يعزز القوى المتشددة المرتبطة بإيران.
ترجمة: وكالة شفق نيوز