تقرير امريكي يتحدث عن "فرصة مهمة" للعراق وكوردستان في بناء سوريا الجديدة

تقرير امريكي يتحدث عن "فرصة مهمة" للعراق وكوردستان في بناء سوريا الجديدة
2025-02-02T19:40:28+00:00

شفق نيوز/ يشهد الشرق الأوسط نقطة تحول كبرى بعد السقوط المفاجئ لنظام بشار الأسد، مما فتح الباب أمام ترتيبات إقليمية جديدة قد تعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في المنطقة.

ويجد العراق وإقليم كوردستان نفسيهما أمام فرصة حاسمة للعب دور بناء في مستقبل سوريا، مستفيدين من الروابط التاريخية والجغرافية والاقتصادية بين البلدين.

وذكر معهد ستيمسون الأميركي، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "أمام العراق وإقليم كوردستان، فرصة مهمة لأداء دور بناء في سوريا ما بعد الأسد حيث أدى سقوط النظام كحدث غير متوقع، إلى ظهور نقطة تحول في الشرق الأوسط، فيما أصبحت الروابط الاجتماعية والثقافية التاريخية بين الشعبين، فرصة طبيعية للتعاون، بالاضافة إلى امكانية تشغيل خط النفط (العراقي- السوري)، واداء دور في الساحة الكوردية السورية". 

ووصف التقرير، عملية الانتقال من نظام سلطوي إلى تمثيلي في سوريا، بأنها قد تكون الأكثر صعوبة في التاريخ الحديث بالنظر إلى سرعة سقوط الأسد والتحديات الداخلية والخارجية الهائلة، محذراً من أن سوريا قد تنزلق إلى حرب أهلية جديدة لها تداعيات كارثية تتخطى حدودها.

ودعا التقرير، الأطراف الدولية والاقليمية وخصوصاً العراق، إلى "استغلال الفرصة النادرة وبدء الانخراط مع الحكام الجدد من دون تعزيز هيمنة هيئة تحرير الشام الحاكمة، وذلك بالنظر إلى حاجة الهيئة إلى الاعتراف الدولي بها ورفع العقوبات، وإعادة الأعمار حيث بالإمكان تقديم مطالب واضحة ومحددة زمنياً وقابلة للتحقيق تتعلق بالحوكمة الرشيدة والعدالة الانتقالية، في مقابل تخفيف العقوبات بطريقة تكون لصالح الشعب والاقتصاد السوري".

ورأى التقرير، أن "دور العراق، باعتباره الجار الأقرب لسوريا، يعتبر حاسماً في هذا المجال"، مشيراً إلى أن "نهج بغداد كان حتى الآن يتسم بالحذر".

وأشار التقرير، إلى أن "العراق يحتاج بشكل ضروري إلى استراتيجية شاملة تجاه سوريا تتخطى المخاوف الأمنية"، معتبراً أن "النخبة الحاكمة في العراق، مثلها مثل بقية العالم، صدمت من السقوط السريع لنظام الأسد في البداية".

وتابع التقرير الأميركي، أن "رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، سارع إلى تحصين الحدود العراقية وحاول النأي بالعراق عن الصراع السوري، رافضاً دعوات بعض الأحزاب الشيعية في الائتلاف الحاكم والميليشيات الموالية لإيران، للتدخل عسكريا لدعم الأسد".

كما لفت التقرير، إلى أن "تركيز بغداد على الجانب الأمني يعتبر أمراً مفهوماً بالنظر إلى جذور ارتباط زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع، بتنظيم القاعدة وداعش، والدمار الذي ألحقته هذه التنظيمات بالعراق التهديد المستمر الذي يشكله سجناء داعش المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق سوريا"، موضحاً أن "سياسة الحكومة العراقية أخذت تتطور بشكل تدريجي وحذر باتجاه الانخراط مع الإدارة السورية الجديدة".

ونقل التقرير عن مصادر مطلعة قولها إن "هناك تواصلاً وتنسيقاً منتظم بين الأجهزة الأمنية العراقية والسورية بشأن تهديد داعش وحماية الحدود"، مشيراً إلى أن "سياسة العراق الحالية تجاه سوريا لا تزال متأخرة عن الدبلوماسية الديناميكية التي تقودها الدول العربية وتركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث أرسلت هذه الأطراف بسرعة كبار دبلوماسييها إلى دمشق، ووفرت مساعدات انسانية، وانخرطت مع الحكومة السورية في قضايا تتجاوز الشأن الأمني، بما في ذلك ما قامت به السعودية التي عملت على تعبئة الجهود الإقليمية والدولية لدعم المرحلة الانتقالية في سوريا والدفع نحو رفع العقوبات، بينما تعهدت قطر بدعم الليرة السورية لتعزيز رواتب موظفي الحكومة السورية".

واعتبر التقرير، أنه "رغم المخاطر التي تهدد امن العراق، فإن سقوط الاسد يمثل فرصة فريدة للعراق والمنطقة لمساعدة السوريين على إقامة دولة جديدة يكون فيها تمثيل لكافة الاطياف حتى وأن لم تكن ديمقراطية بالكامل، وأن تكون في سلام مع نفسها وجيرانها". 

فجوة كبيرة 

وتابع التقرير، "بسبب انشغال الحكومة والنخب الحاكمة في العراق بمشاكلهم الطائفية والسياسية الداخلية بعد سقوط صدام حسين العام 2003، ودعمهم للنظام السوري خلال انتفاضة العام 2011 ضد الأسد، فقد أصبح تعاملهم مع سوريا يستند بالدرجة الأولى على التهديدات الأمنية التي شكلها تنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرها من الجماعات السلفية الجهادية، وهو ما خلق فجوة معرفية كبيرة لدى العراقيين حول الشرائح المدنية غير الدينية في المجتمع المدني السوري التي عارضت كلا من الأسد والفصائل الاسلامية، وذلك باستثناء اقليم كوردستان الذي استضاف اللاجئين السوريين وأمن مساحة للمجتمع المدني السوري والمنظمات الدولية التي تقدم مساعدات إنسانية لشمال شرق سوريا".

بينما أضاف التقرير، أن "إجراء تواصل من أجل معالجة الفجوة المعرفية وتطوير سياسة مشتركة للعلاقات بعد الأسد، في ظل الحاجة للتعاون في مجالات مثل الاقتصاد، التجارة، الثقافة، التغير المناخي، الاكاديمية، والجيوسياسية، وهوما قد يمكن السوريين من الاستفادة من تجربة العراق بعد صدام، بكل نجاحاتها وإخفاقاتها".

ومع ذلك، قال التقرير، إن "هناك شكوكاً عميقة لدى الحكومة والنخب العراقية تجاه الإدارة السورية التي تقودها هيئة تحرير الشام وزعيمها الشرع حول رغبته في السيطرة على العناصر المتطرفة والمقاتلين الأجانب داخل الجماعة، ورغبته في بناء دولة تشمل الجميع".

وفي المقابل، أوضح التقرير، أن "بامكان الحكومة السورية المؤقتة ان تحاول طمأنة القادة العراقيين من خلال اتباع سياسات ملموسة لمحاربة داعش وضمان أمن الحدود العراقية السورية".

ونقل التقرير عن خبير عراقي لم كشف هويته، قوله إن "الحكومة العراقية تنتظر نتائج مؤتمر الحوار الوطني السوري المرتقب قبل تحديد الخطوات التالية للتعامل مع دمشق".

إلا أن التقرير رأى أن الانقسام القائم في النظام السياسي العراقي، يشكل تحدياً أمام بلورة وتنفيذ رؤية موحدة للسياسة الخارجية تتخطى القضايا الامنية البحتة، مضيفا انه سيكون من الصعب تطبيق استراتيجية تجاه سوريا لا تتأثر بإيران وحلفائها.

وأشار التقرير، إلى أن "اللقاءات الأخيرة التي عقدها السوداني مع القادة الإيرانيين في طهران كانت مخيبة للآمال، حيث اعترضت إيران على تفكيك الجماعات المسلحة ودمجها في قوات الأمن العراقية".

ورغم أن التقرير استبعد، أن يلعب العراق دوراً قيادياً يتعلق بالدبلوماسية الأقليمية تجاه سوريا، إلا أنه بمقدور بغداد أن تكون عضواً نشطاً في الجهود الدبلوماسية الأقليمية والدولية مع دمشق من خلال المساعدات الانسانية والدبلوماسية غير الرسمية، موضحاً أن توفير المساعدة للسوريين الذين هم في أمس الحاجة إليها يحمل رسالة قوية إلى الشعب السوري بأن العراق يقف إلى جانبهم.

ودعا التقرير العراق وسوريا الى السعي لإعادة إحياء العلاقات الاقتصادية الثنائية على أساس المصالح المشتركة، مذكرا بأن العراق كان في العام 2010، أكبر سوق تصدير للادوية والمواد الغذائية والمنسوجات السورية. 

ونقل التقرير عن جهاد اليازجي، وهو رئيس تحرير موقع "تقرير سوريا" والخبير في الشؤون الاقتصادية السورية، قوله "برغم تغير المشهد الجيوسياسي منذ 2010، حيث أصبحت تركيا وإيران اليوم، شريكين تجاريين رئيسيين للعراق، إلا أنه لا يزال هناك مجال لتطوير العلاقات الاقتصادية الثنائية، خصوصاً بعد سقوط الأسد، حيث ستسعى القوى الخارجية للمساهمة في جهود إعادة الإعمار والاستفادة منها".

ونقل التقرير عن اليازجي، قوله "لطالما كانت هناك محادثات منذ سنوات حول إعادة تشغيل خط الأنابيب الذي يربط حقول النفط العراقية بالموانئ السورية واذا استقرت سوريا، فان هذا المسار سيمثل مصدراً جيداً للعائدات لسوريا، وطريق عبور منخفض التكلفة لصادرات النفط العراقية"، مشيراً إلى أن "المجال الثالث للتعاون هو مشاريع لادارة نهر الفرات بشكل مشترك، والاستفادة من الدروس حول الري الفعال للأراضي الزراعية".

كما رأى التقرير، أن "الدبلوماسية غير الرسمية التي يمكن أن تقام بين الخبراء العراقيين والسوريين الذين لديهم ارتباط قوي بصناع القرار في بغداد ودمشق، ستساعد العراق في فهم وجهات نظر الحكام الجدد والجماعات السياسية والطائفية والعرقية والمجتمع المدني"، مضيفاً أن "التشابه الاجتماعي والثقافي التاريخي بين الشعبين، يؤمن منصة طبيعية للتعاون بين الجامعات العراقية والسورية، ومراكز الأبحاث، والمفكرين، والفنانين، والمجتمعات المدنية".

إقليم كوردستان 

وذكر التقرير، بأن بمقدور إقليم كوردستان أن يؤدي دوراً مهماً في استراتيجية العراق ما بعد الأسد، موضحاً أن الأحزاب الكوردية الحاكمة تتمتع بعلاقات قوية مع القوى الكوردية في سوريا.

وأضاف التقرير، أن "الهواجس الأكبر للكورد السوريين هي كيفية ضمان حكم ذاتي للمناطق الكوردية ضمن سوريا موحدة ومنع عودة داعش".

ولفت التقرير، إلى أن "الانقسام الكوردي يمثل عقبة أمام موقف موحد تجاه الحكام الجدد في دمشق"، مبيناً أن "الاجتماع الأخير بين زعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في اربيل، أثار الآمال بامكانية تشكيل موقف مشترك".

وبين التقرير، أن "الاجتماع الذي جرى في دافوس بين رئيس وزراء حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، ووزير الخارجية السوري اسعد الشيباني، شكل اساساً جيداً لمزيد من التواصل"، مضيفاً أن "المخاوف الأمنية الأكثر الحاحاً تتعلق بالاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية وفصيل الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، وما أذا كانت ادارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ستواصل دعمها للكورد".

وختم التقرير بالقول إن "التغيرات الكبيرة في الشرق الأوسط اضعفت بشكل كبير محور المقاومة الذي تقوده إيران ونتيجة لذلك، فان أمام الحكومة العراقية فرصة فريدة لوضع وتنفيذ استراتيجية تجاه سوريا تتخطى مخاوفها الامنية المشروعة، وتجعل استقرار سوريا وتعافيها أولوية قصوى للأمن الوطني".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon