بعد قطع "شريان الكهرباء الإيراني".. العراق يتأهب وخبراء يطرحون حلولا بديلة

شفق نيوز/ في ظل أزمة إلغاء الإعفاء الأمريكي
لاستيراد الغاز الإيراني، وتأكيد وزارة الكهرباء العراقية، العمل على خطط بديلة
لتخفيف الضرر، من خلال تنويع مصادر الغاز وكذلك الطاقة، يرى خبراء أن الحل يكمن في
تبني الحكومة العراقية رؤية واضحة تضمن عدم تعرض البلاد لأي أزمة طاقة مستقبلية.
وانتهت السبت الماضي، (8 آذار/ مارس 2025)، مدة
الاستثناء الذي أعطته الولايات المتحدة للعراق من العقوبات المفروضة على إيران،
وبالتالي فإن حكومة بغداد لن تتمكن من استيراد الغاز الإيراني اللازم لتشغيل محطات
الكهرباء في عموم البلاد.
وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية، يوم أمس
الأحد، إنهاء الإعفاءات التي كانت تسمح للعراق بشراء الكهرباء من إيران، في إطار
سياسة "الضغوط القصوى" التي تنتهجها إدارة الرئيس دونالد ترامب ضد
طهران.
كما شددت واشنطن على رفضها تقديم أي إغاثة
اقتصادية لإيران، مشيرة إلى أن الهدف هو إنهاء التهديد النووي الإيراني، والحد من
برنامجها الصاروخي، ومنع دعمها للجماعات المسلحة.
لكن المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية،
أحمد موسى، يقول لوكالة شفق نيوز، إن "وزارة الكهرباء لم تتسلم أي إشعار رسمي
من الجانب الأمريكي أو من السفارة الأمريكية بخصوص هذا الموضوع لحد الآن".
خطط بديلة عن إيران
ويؤكد موسى، "لكن وزارة الكهرباء، ومنذ
وقت ليس بالقصير، تعمل وفق التوجيهات الحكومية على تنويع مصادر الغاز وعلى تهيئة
حقوق الغاز الوطنية وإيقاف حرق الغاز المصاحب".
ويضيف، "كما تعمل الوزارة على تنويع مصادر
الطاقة، حيث هناك مشاريع الدورة المركبة، وزيادة الطاقة المنقولة من خطوط الربط مع
تركيا والأردن، كما تحاول الوزارة أن تنجز قبل الصيف المقبل الربط العراقي
الخليجي، وكذلك تعمل على محطات الطاقة الشمسية وتفعيل مبادرة البنك المركزي وتحويل
المباني الحكومية إلى منظومات طاقة شمسية".
ويتابع المتحدث باسم وزارة الكهرباء،
"إضافة إلى التنسيق العالي مع وزارة النفط لتوفير الكاز لصالح المحطات
وتشغيلها، وأيضاً استيراد 600 مقمق من الغاز من خلال ما ينصب من منصات الغاز
المسال في موانئ العراق".
وعن إمكانية كل ما سبق في سد
الحاجة عن الغاز الإيراني، يوضح، أن "هذه الخطط البديلة سوف تسد جزءاً من
الحاجة وسوف تخفف من الضرر، لكن لا نخفي الحاجة للغاز المستورد، لعدم كفاية الغاز
الوطني".
ويعرب المتحدث باسم وزارة الكهرباء عن
"أمله بتفعيل اتفاقية تركمانستان من خلال إكمال الإجراءات المتعلقة بتوقيع
الشركة التي تقوم بدور الوساطة لنقل الغاز التركمانستاني للعراق".
استيراد الغاز وسداد الديون
وعن موقف مجلس النواب العراقي من ملف استيراد
الغاز الإيراني وسداد الديون، يقول عضو لجنة الاستثمار والتنمية النيابية، ضياء
هندي الحسناوي، إن "ملف استيراد الغاز الإيراني حساس ومتداخل، خاصة مع إنهاء
الإعفاء الأمريكي الذي كان يسمح للعراق بالاستيراد دون قيود".
ويؤكد الحسناوي لوكالة شفق نيوز، أن
"وزارة الكهرباء مطالبة اليوم بأن تكون جادة وفاعلة في إيجاد حلول مستدامة،
سواء من خلال تسهيل إجراءات الدفع أو تنويع مصادر الطاقة، لأن استمرار التعويل على
الاستيراد دون خطط بديلة سيُبقي العراق في دائرة الأزمات المتكررة".
أما بخصوص الديون المستحقة لإيران عن الغاز
المورد، يرى الحسناوي، أنها "تمثل عائقاً إضافياً، وقد تؤثر على تدفق الغاز
إذا لم يتم التوصل إلى آلية مناسبة للسداد".
ويبيّن، أن "الحل يكمن في إدارة هذا الملف
بمرونة، عبر التفاهمات الثنائية أو إيجاد آليات دفع بديلة مثل المقايضة التجارية
أو التسديد بالآجل، بما يضمن استمرار إمدادات الطاقة دون التأثير على الاقتصاد
العراقي".
ويؤكد النائب، أن "مجلس النواب يتابع هذا
الملف عن كثب، وندعو الحكومة إلى وضع رؤية واضحة تضمن عدم تعرض العراق لأي أزمة
طاقة مستقبلية، مع ضرورة تسريع مشاريع استثمار الغاز المحلي لتقليل الاعتماد على
الاستيراد تدريجياً".
ترتيبات جديدة أمام العراق
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي، مصطفى فرج، إن
"إلغاء الإعفاء الأمريكي لاستيراد الغاز الإيراني يضع العراق أمام تحدٍ كبير
في تأمين احتياجاته من الطاقة، لذلك قد تلجأ الحكومة العراقية إلى ترتيبات جديدة
مثل الدفع بالآجل أو التبادل التجاري لتعويض تكلفة الاستيراد".
ويتوقع فرج، في تصريحه لوكالة شفق نيوز، أن
"الخيار الأكثر ترجيحاً هو استمرار العراق في استيراد الغاز الإيراني عبر
ترتيبات مالية جديدة، مثل الدفع المؤجل أو المقايضة التجارية، خاصة وأن قطع
الإمدادات بشكل مفاجئ قد يؤدي إلى أزمة كهربائية حادة".
ومع ذلك، يبقى الحل الجذري في تسريع تطوير حقول
الغاز المحلية وتنويع مصادر الاستيراد لتقليل الاعتماد على إيران مستقبلاً، وفقا
لفرج.
تهديدات متكررة بلا معالجات
وهذا ما يتهم فيه الباحث السياسي، سيف السعدي،
الحكومة العراقية "لعدم إيجادها منفذ آخر لسد النقص الحاصل في الغاز ليكون
بديلاً عن الغاز الإيراني".
ويوضح السعدي لوكالة شفق نيوز، أن
"الولايات المتحدة الأمريكية هددت ولوّحت بالعقوبات في أكثر من مناسبة، لذلك
كان يفترض بالحكومة العراقية أن تجد بديلاً وتضع في حساباتها أن يتم فرض عقوبات
على إيران".
ويتوقع السعدي، "حدوث مشكلة في الصيف
المقبل وأن تشهد البلاد درجات حرارة لاهبة لا تختلف عن درجة العقوبات التي يتخذها
ترامب ضد إيران وفواعل سياسية داخل العراق لمساعدة طهران بالتهرب من هذه
العقوبات".
العجز قرابة 70%
لكن الخبير في شؤون الطاقة، كوفند شيرواني، يرى
أن "هذه الأزمة قد تشكل دافعاً وحافزاً للحكومة العراقية للتعجيل باستثمار
الغاز الطبيعي والوصول إلى الاكتفاء الذاتي من الغاز لتجنب الحاجة إلى استيراد
الغاز من دول أخرى".
ويشدد شيرواني، في تصريحه لوكالة شفق نيوز، على
"أهمية الحصول على بدائل عاجلة للغاز من دول الخليج كقطر والسعودية خاصة بعد
إنشاء منصة عائمة للغاز في البصرة التي تحتاج إلى أنابيب لربطها مع محطات الطاقة
في غضون 3 أشهر كحد أقصى، إلى جانب مشاريع طاقة شمسية الذي يستغرق إنشاءها بحدود
سنة ونصف السنة".
"لكن يبقى الوضع صعباً في العراق"،
وفق شيرواني، عازياً ذلك إلى "العجز الحالي نتيجة الفرق بين التوليد والطلب
الذي يقارب 26 ألف ميغاواط، وأن توقف الغاز الإيراني سيضيف 10 آلاف ميغاواط أخرى
لهذا العجز، وبالتالي سيزداد العجز إلى قرابة 70%".