"الكلاب السائبة".. تهديد حقيقي في العراق والحل بالتجربة التركية

"الكلاب السائبة".. تهديد حقيقي في العراق والحل بالتجربة التركية
2025-02-03T09:06:09+00:00

شفق نيوز/ لم يكن العامل عدنان حسن يعلم ان يكون ذلك اليوم مختلفا في حياته عن الأيام الأخرى، وكالعادة خرج مبكراً ولم ينبلج عمود الفجر بعد، بغية الوصول في وقت مناسب للحصول على عمل بمسطر العمال في منطقة الباب الشرقي بالعاصمة بغداد.

وحين كان يفكر بالعمل لسد احتياجات أسرته وهو يحث الخطى، هاجمه دون سابق إنذار كلب سائب، ولم يتركه قبل أن يعضه ويترك ندبة كبيرة على ساقه، وبدل الحصول على العمل ذهب حسن الى المستشفى ليسعف نفسه من عضة الكلب، تحدث لوكالة شفق نيوز.

وتمثل الكلاب السائبة في ضواحي العاصمة بغداد خطرا حقيقياً على المواطنين، وخاصة الأطفال والتلاميذ الذين تعرض كثير منهم لهجوم من كلاب سائبة.

وتنتشر الكلاب عادة في المناطق الشعبية وبالقرب من مكب النفايات ،وبعضها يؤذي ويهاجم على حين غفلة.

تحركات متضاربة

وبين الاجراءات الحكومية بقتل الكلاب واعتراضات المنظمات المعنية بالرفق بالحيوان على ذلك، لا يلوح في الأفق أي حل يتوافق عليه الطرفان.

ويعترض العديد من المواطنين في مواقع التواصل الاجتماعي على طريقة القتل "غير الرحيمة" لكلاب الشوارع  وتنطلق حملات بين الحين والآخر تطالب بإيقاف القتل بهذه الطريقة وإيجاد حلول. 

وركزت المنظمات المعنية بحقوق الحيوان، على اهمية إبعاد الاذى عن المواطنين من دون تعريض الكلاب إلى القتل أو الإبادة.

ووفق هذا المنطلق، قالت رئيسة منظمة رفقة الأكاديمية، آلاء كريم، لوكالة شفق نيوز، إن "الكلاب مخلوقات اليفية تؤنس الإنسان وتمنحه طاقة إيجابية".

وأوضحت كريم، أن "الكلاب تتكاثر بشكل سريع ومضاعف بعمر من 7 الى 10 أشهر وبامكانها التزاوج مرتين في العام وتنجب نحو 12 جرواً، وهذا الأمر يتسبب بأزمة تستحق المعالجة".

غزو للمدن 

وأشارت إلى أن "التغيرات البيئية والجفاف والتصحر دفع الكلاب إلى النزوح إلى داخل المدن، ويساعد وجود النفايات التي توفر طعاما للكلاب في زيادة أعدادها، وهذه مشكلة تحتاج الى حل".

ورأت كريم، أن "طرق المعالجة التقليدية المتبعة غير إنسانية وغير حضارية، وتعد نوعا من العنف المجتمعي، فيجب التعامل مع الكلاب بطرق رحيمة ولا يجوز قتلها".

إخصاء الكلاب

ولم تخف آلاء كريم، مخاوفها من خطورة الكلاب السائبة وانتشارها، واقترحت حلولاً للحد منها، ووجدت أن الحل الأمثل يكمن في الحد من تكاثر الكلاب من خلال تعقيمها وتطعيمها وهو مشروع يشبه التجربة التركية، ويعني التطعيم (اخصاء الكلاب) للحد من تكاثرها، فيما يجعل التعقيم الكلاب هادئة وتتوفر بطرق آمنة.

ولفتت كريم، إلى أن وجود الكلاب ضروري من اجل التوازن البيئي، وان الحلول الانفة محمية من الناحية القانونية، وبموجب التطعيم والتعقيم يتم منح الكلب اسماً ورقماً والتوجيه بعدم التعرض للكلاب التي تحمل هذه العلامات".

وتابعت بالقول: "تم في منظمة رفقة إنجاز 50 حالة تطعيم وتعقيم للكلاب، وتم بعد ذلك اطلاقها في الشارع دون خطر على الآخرين".

ضحايا 

وتسببت اعداد ضحايا الكلاب السائبة وخاصة في صفوف الاطفال والتلاميذ، باتخاذ إجراءات حكومية العام الماضي، سيطرت خلالها فرق وزارة الداخلية على نحو  4 آلاف أو اكثر من الكلاب السائبة خلال شهر واحد باعتماد قتلها ببنادق صيد.

وتتعارض هذه الاجراءات مع توجهات المنظمات المعنية بالرفق بالحيوان، ووفق مدير الشرطة المجتمعية بمحافظة النجف ضياء زوين، فإن كثيراً من منظمات الرفق بالحيوان لاتتعاون بموضوع الكلاب وهو بحد ذاته موضوع شائك.

وأضاف خلال حديثه للوكالة، إلى أن على المنظمات ان تكون داعمة لتوجهات وزارة الداخلية في إنقاذ حياة المواطنين من خطر الكلاب السائبة.

تستخدم بعض المنظمات وفق زوين أسلوباً مكلفاً، يقول زوين ،ياخذون الكلاب لإجراء عملية عقم  لها،  الا ان هذه الطريقة مكلفة اذتتراوح كلفة عقم كلب واحد  من 175 الف الى 250 الف دينار، اضافةالى المتابعة والعلاجات، وتضع المنظمات "باركود" للكلب كي لايتمالتعرض له.

تقف الشرطة المجتمعية مع منظمات الرفق بالحيوان وتحث الطلبةوالتلاميذ على الرفق بها وتقديم الطعام لها وعدم ضربها يؤكد زوين ، الا ان بعض الكلاب تشكل عبئا على المواطن مايدعو الى البحث عنحلول واقعية.

برامج البيطرة

وتضع دائرة البيطرة التابعة لوزارة الزراعة سنوياً برنامجاً لمعالجةالكلاب السائبة، يعتمد على قتل الكلاب او تسممها.

وقال مصدر مسؤول بدائرة البيطرة، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز: "يتم تزويد المستشفيات البيطرية بخراطيش لبنادق صيد بهدف قتل الكلاب السائبة أو نستخدم أحياناً مادة الاستركنين التي تؤدي الى وفاة الكلاب خلال ساعة او ساعتين.

وأكد أن قانون الصحة الحيوانية الذي شرع عام 2013 رفع مسؤولية التخلص من الكلاب السائبة من دائرة البيطرة ومستشفياتها، وألقى مسؤولية ذلك على عاتق المحافظات بعدها تم إيقاف الصرف المالي لمكافحة الكلاب من 2013 وحتى 2022 عاد الصرف المالي من جديد وهذه السنين زادت أعدادهم بطريقة مهولة جداً لأنهم سريعي التكاثر.

وبحسب المصدر، فإن كل محافظة تشكل لجنة برئاسة المحافظ وعضوية دوائر الصحة والبيطرة والشرطة والبلدية للتخلص من الكلاب، لكن المحافظات ومنها بغداد  تتلكأ في التخلص من الكلاب عن طريق القتل لتعارضها مع منظمات المجتمع المدني، ولعدم وجود منفذ للصرف المالي للقضاء عليها تحت عنوان "كلاب سائبة".

تداخل جراحي

وثمة طرق أخرى للقضاء على الكلاب السائبة، ومنها استخدام العمليات الجراحية لعقم الذكور والإناث من الكلاب، لكن هذه العملية تتطلب جهدا بسبب صعوبة الإمساك بالكلب.

ويبدو ان الحل الواقعي لهذه المشكلة يكمن بانشاء مراكز لإيواء الكلاب خارج المدن ويتم فصل الذكور عن الإناث لضمان عدم التكاثر، مثلما قامت حكومة  إقليم كوردستان بإنشاء مركز لإيواء الكلاب ولم تتضح بعد نتائج هذه التجربة، لأن ترك الكلاب سائبة داخل المدن ينذر بمخاطر صحية على الانسان. 

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon