القصة الكاملة.. الأمر الولائي لـ"الاتحادية" يشعل أزمة "سياسية ومكوناتية"

شفق نيوز/ تطور سريع في الأحداث، بدأ منذ ظهر يوم الثلاثاء، بعد صدور الأمر الولائي من المحكمة الاتحادية العراقية، الذي أوقف تنفيذ قوانين العفو العام وتعديل قانون الأحوال الشخصية وإعادة العقارات لأصحابها في كركوك، حيث دفع بالقوى السنية إلى "الانتفاض" والتهجم على المحكمة الاتحادية، قبل أن يصل الأمر لتعطيل الدوام الرسمي في ثلاث محافظات سنية، كخطوة احتجاج وصفت من قبلهم بـ"السلمية"، وسط تلمحيات بخطوات تصعيدية أخرى، منها الانسحاب من البرلمان والحكومة.
وبمقابل هذا الحراك السني، أعلن الإطار التنسيقي، المكون من الكتل الشيعية، عن دعمه لإجراءات المحكمة الاتحادية، بل وأبدى استغرابه من الهجوم ضدها.
وكانت البداية، من الأمر الولائي، الذي صدر عن المحكمة الاتحادية (أعلى سلطة قضائية في العراق)، بإيقاف تنفيذ القوانين الثلاثة، الأحوال الشخصية، العفو العام، العقارات، على خلفية طعن قدمه عدد من أعضاء مجلس النواب لديها، بشأن صحة إجراءات رئاسة البرلمان في التصويت على القوانين دفعة واحدة دون فصل كل قانون على حدة، وأكدت في قرارها أن الأمر الولائي صدر لحين حسم الدعاوى والتأكد من صحة دستورية إقرار القوانين.
وبعد القرار، كان رئيس البرلمان السابق ورئيس حزب تقدم، محمد الحلبوسي، أول من أصدر بيانا شديد اللهجة ضد الأمر الولائي، إذ عبر عن رفضه لإيقاف تنفيذ قانون العفو العام، مؤكدًا أن القانون يهدف إلى إنصاف الأبرياء والمظلومين فقط، ولا يشمل الإفراج عن "الإرهابيين".
واتهم الحلبوسي المحكمة بتسييس قراراتها، مشددًا على عزمه مواجهة القرار بكل الوسائل القانونية والشعبية، ودعا إلى تنظيم مظاهرات ومقاطعة المؤسسات التي لا تحترم إرادة الشعب.
وامتداد للحلبوسي، دعا الأمين العام للمشروع الوطني العراقي جمال الضاري، إلى اجتماع طارئ لقادة البلد، على خلفية قرار المحكمة الاتحادية، وأكد أن الخلافات السياسية والتهرب من الاتفاقات بين قادة الأحزاب والكتل، ومحاولات جر المحكمة الاتحادية إلى إصدار أوامر تُعرقل تنفيذ القرارات النيابية، ستجر العراق إلى أزمات جديدة وسط مرحلة حرجة تمر بها المنطقة.
ومع حلول مساء اليوم الثلاثاء، بدأت المحافظات السنية تعطل الدوام الرسمي، واحدة تلو الأخرى، وبدأت من محافظة نينوى، حيث عطل محافظها عبد القادر الدخيل الدوام الرسمي ليوم غد الثلاثاء، ومن ثم تلتها محافظة الأنبار، حيث أعلن محافظها محمد نوري أحمد، عن تعطيل الدوام الرسمي لمدة 3 أيام، احتجاجا على الأمر الولائي.
ومن ثم التحقت صلاح الدين بهذه المحافظات، حيث أعلن محافظها بدر الفحل، عن تعطيل الدوام الرسمي ليوم غد الأربعاء، احتجاجا على القرار أيضا، ومن ثم التحق به محافظ كركوك، ريبوار طه تعطيل الدوام الرسمي في المحافظة.
وحول هذا الأمر، قال النائب عن كتلة تقدم، قتيبة محمد، لوكالة شفق نيوز، إنه "تم تعليق حضورنا في جلسات البرلمان بسبب الأمر الولائي الذي صدر بتعطيل القوانين الثلاثة منها العفو العام، ولدينا إجراءات أخرى منها الانسحاب من الحكومة أو من البرلمان في حال تم إلغاء تشريع القوانين بالكامل، لكن يبقى لكل حادث حديث".
وأضاف محمد، أن "قرار الانسحاب استراتيجي، لذلك هو يكون باتفاق سياسي بين كل الكتل السنية، وبدءاً ككتلة تقدم متبنين لهذا الخيار، لأن الأمر الوحيد الذي حققه المكون السني من الاتفاق السياسي بتشكيل الحكومة هو قانون العفو العام، لكن لحد هذه اللحظة يحاول المتنفذون في القضاء عرقلته، لذلك الانسحاب من البرلمان هو إحدى الأدوات التي نمتلكها".
وتابع أن "المحكمة الاتحادية لا يمكن أن تعطي قراراً بهذه الجدلية، إذا لم تكن هناك تأثيرات حقيقية من القادة السياسيين، وإلا كيف يفسر بعد جهود طويلة وخصومات وتعليق جلسات في البرلمان ومن ثم إقرار قانون العفو بشق الأنفس، تظهر من هنا وهناك قرارات جائرة تحرم الأبرياء من النظر في قضاياهم ودعاويهم".
وختم حديثه بـ"لذلك التأثيرات على المحكمة الاتحادية موجودة، وإلا لما صدر هكذا قرار وبهذا السرعة، في وقت أصدر مجلس القضاء الأعلى تعليمات بتنفيذ قانون العفو وبدأت المحاكم بالنظر به، لذلك لا بد من وجود تأثيرات سياسية من قادة وكتل سياسية على المحكمة الاتحادية".
وفي هذه الأثناء، أعلن الإطار التنسيقي، في بيان له، دعمه للمحكمة الاتحادية العليا لإيقاف تنفيذ القوانين التي مُررت خلال جلسة مجلس النواب المنعقدة في 21 كانون الثاني/ يناير الماضي، بوصفه حقاً دستورياً للمحكمة ومساراً قانونياً متاحاً ضمن العملية الديمقراطية، كما إن الأمر الولائي لا يعني بأية حال من الأحوال الدخول بأصل الحق أو إعطاء رأي مسبق بالدعاوى المقامة كما أكدت ذاتها.
واستغرب الإطار، من "الهجمة ضد المحكمة الاتحادية، في محاولةٍ للنيل من سمعتها والسعي لسلب حقها الدستوري في الرقابة على دستورية القوانين"، لافتا الى أن "الإطار التنسيقي يؤكد حقَّ المحكمة في النظر بالمخالفات التي رافقت جلسة مجلس النواب، ومنها غياب النصاب القانوني وآلية التصويت على ثلاثة قوانين بسلة واحدة، في سابقةٍ خطيرةٍ ومخالفةٍ صريحةٍ وواضحةٍ للقانون والنظام الداخلي لمجلس النواب".
وجدد الإطار التنسيقي، بحسب البيان، "تأكيده على الالتزام بالمنهاج الوزاري وورقة الاتفاق السياسي، فإنه يجدد الدعوة والتأكيد أيضاً على مبدأ الفصل بين السلطات واحترام القضاء بوصفه الضابطة الأساس في إنهاء الخلاف بوجهات النظر بين مختلف الأطراف كمسار حاكم وملزم للقوى كافة".
وشهدت جلسة مجلس النواب العراقي في 21 كانون الثاني/ يناير الماضي، تمرير "قوانين جدلية" تشمل تعديل قانون العفو العام، وتعديل قانون الأحوال الشخصية، وقانون إعادة العقارات لأصحابها في كركوك.
وتلك الجلسة، أثارت لغطا كبيرا مباشرة، حيث أكد نواب في حينها، أن رئيس البرلمان محمود المشهداني لم يقرأ القوانين، ولم يجري رفع أيدي النواب خلال التصويت، بل أعلن التصويت عليها بشكل مباشر، وعلى إثرها جرى جمع تواقيع لإقالته، وبرزت قضية إقالته للواجهة وطالب العديد من النواب بها، قبل أن تتراجع حدتها خلال الأيام الماضية.
يذكر أن رئاسة الجمهورية، صادقت مباشرة بعد تصويت البرلمان على القوانين، على أن تتدخل حيز التفنيذ بعد نشرها في جريدة الوقائع العراقية.
يذكر أن عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محمد عنوز، أكد لوكالة شفق نيوز، أن "صدور الامر الولائي من قبل المحكمة الاتحادية العليا، بخصوص القوانين الثلاثة (الأحوال الشخصية، العفو العام، إعادة العقارات) أمر طبيعي، وهذا الأمر لا يعني إلغاء التصويت أو إلغاء تشريع تلك القوانين من قبل البرلمان، فهذا الامر مؤقت لحين النظر بالدعوى والبت بها".
وتابع، "لهذا ننتظر ما سيصدر من المحكمة من قرار سيكون ملزم وبات، ونتوقع أن يصدر بعد أسبوعين كحد اقصى، فالدعاوى تحتاج إلى دراسة قانونية ودستورية".