"خلل اقتصادي".. إيران معرضة لخسارة العراق قريباً

"خلل اقتصادي".. إيران معرضة لخسارة العراق قريباً
2025-05-08T14:49:59+00:00

شفق نيوز/ رصد معهد "منتدى الشرق الاوسط" الأمريكي، "الخلل الاقتصادي" القائم بين العراق وإيران، لافتا الى أن التداعيات الاستراتيجية المحتملة لتقلص النفوذ الاقتصادي الايراني في العراق في المرحلة المقبلة، قد يجعل طهران معرضة لخسارة بغداد، باعتبارها إحدى آخر دفاعاتها الجيوسياسية والمالية المهمة في المنطقة.   

وذكر تقرير المعهد الأمريكي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إن إيران برغم النقص الحاد الذي تواجهه محليا فيما يتعلق بامدادات الكهرباء والغاز الطبيعي والصعوبة في الحصول على المدفوعات بسبب العقوبات الامريكية، فانها مستمرة في تصدير موارد الطاقة الى العراق، وهو ما يمثل تناقضا في حساباتها الجيوسياسية على المدى الطويل والتي تستهدف "ترسيخ نفوذها بعمق في الاقتصاد والنظام السياسي العراقي".

وبعدما لفت التقرير إلى أن صادرات ايران الى العراق تضاعفت خلال العقدين الماضيين، أكثر من مائة مرة، بما يظهر عمق هذا التشابك، قال التقرير إن "صادرات الطاقة الايرانية الى العراق اصبحت ركيزة اساسية لنفوذها في هذا البلد، حيث انتقلت صادراتها غير نفطية المتواضعة اليه من 145 مليون دولار في العام 2005، الى 11.9 مليار دولار في العام 2024، وهو ما يمثل 20% من مجمل صادراتها غير النفطية، وهو رقم لا يشتمل على حوالي 3 مليارات دولار من صادرات الكهرباء والغاز الى العراق خلال العام الماضي".

وبحسب تقرير المعهد، فإن بياناته المستندة الى ارقام الجمارك الايرانية، تظهر ان ايران صدرت السلع والخدمات الى العراق بما قيمته اكثر عن 100 مليار دولار على مدى العقدين الماضيين. كما ان ايران، بحسب التقرير، بدات تصدير الكهرباء الى العراق في العام 2005، مما ادى الى توليد حوالي 10 مليارات دولار من الايرادات على مدى العقدين الماضيين.

وتابع، انه منذ العام 2017، اضافت ايران صادرات الغاز، حيث سلمت اكثر من 60 مليار متر مكعب على مدى 7 سنوات، بقيمة تقارب 18 مليار دولار.

وبالإجمال، أكد أن صادرات ايران الى العراق بلغت 130 مليار دولار على مدى 20 عاما، في حين بقيت الواردات الايرانية من العراق هامشية، حيث انها كانت قبل العقوبات الامريكية على ايران في العام 2018، تصل الى بضع عشرات الملايين من الدولارات سنويا، ووصلت  مؤخرا الى حوالي 500 مليون دولار.

ورأى التقرير، أن "هذا الخلل الاقتصادي أدى الى اعتماد العراق على السلع والطاقة والخدمات الايرانية، وهو ما اتاح لايران، ممارسة نفوذ سياسي في بغداد، وتمويل جماعاتها المؤيدة لها، واستخدام الشبكات المالية العراقية لتسهيل تهريب العملات وبيع النفط سرا تحت الاسم العراقي.  

وبعدما أشار التقرير الى القيود العديدة التي فرضتها وزارة الخزانة الامريكية على العديد من البنوك العراقية، أوضح ان هذه الاجراءات عززت من صعوبة وصول ايران الى العملات الصعبة عبر العراق، والتي تمثل شريان حياة حيويا في ظل عزلة طهران الاوسع عن النظام المالي العالمي.

ورأى التقرير ان نفوذ إيران الإقليمي تراجع منذ منتصف العام 2024 بعد الضربات الاسرائيلية ضد وكلائها وسقوط نظام بشار الاسد في سوريا، مما جعل دور ايران في العراق اكثر عرضة للخطر.  

ولهذا، اعتبر التقرير أن هذا الوضع خلق للعراق مساحة جديدة لتعزيز استقلاليته، في حين أن حملة "الضغط الأقصى" التي شنتها إدارة دونالد ترامب على طهران شجعت بغداد على البدء في تنويع شراكاتها والحد من اعتمادها على المحور السياسي والاقتصادي الذي تمثله ايران.

وبين أن صندوق النقد الدولي يتوقع انكماش الاقتصاد العراقي بنسبة 1.5% خلال العام 2025، حيث يعتبر الإلغاء التدريجي لاعفاءات واردات الطاقة الامريكية، بمثابة عامل مساهم في ذلك، مضيفا انه برغم مضاعفة تركيا لصادراتها من الكهرباء الى العراق هذا العام، إلا أن عجز الغاز في العراق لا يزال بلا حلول حل على المدى القصير، وهو ما يمثل تهديدا خطيرا لشبكة الكهرباء والصناعة، وقد يتسبب بحدوث انقطاع للتيار الكهربائي خلال الصيف ووقوع اضطرابات مدنية.

وتابع التقرير ان العراق، وبعدما فرضت واشنطن حملة "الضغط الاقصى" على طهران في العام 2018، صار يشهد تراكما في الديون لايران والتي لم يتم تسديدها مقابل الغاز والكهرباء، واصبحث تقارب 8 مليارات دولار.

واضاف انه "برغم ذلك، فان طهران تصر على مواصلة صادراتها، بالاستناد حساباتها الاستراتيجية وليس على منطقها الاقتصادي"، معتبرا ان هذا النفوذ قد يتراجع، حيث ان صندوق النقد الدولي يتوقع انخفاض اجمالي صادرات ايران في العام 2025 بمقدار 11 مليار دولار بالمقارنة مع العام 2024، بينما يتوقع الصندوق ايضا  تراجعا يوميا قدره 300 الف برميل في صادرات النفط الايرانية بسبب تجدد الضغط الامريكي، بالاضافة الى انخفاض اسعار النفط العالمية".

وبعدما اشار التقرير إلى أن قيود وزارة الخزانة الامريكية على وصول البنوك العراقية الى الدولار، سيؤدي الى تقويض قدرة طهران على استعادة اموالها، ونتيجة لذلك خسر الريال الايراني نحو 50% من قيمته في العام 2024 بينما يتوقع صندوق النقد تراجع الناتج المحلي الاجمالي لايران بمقدار 60 مليار دولار في العام 2025، ليصل الى 341 مليار دولار، وهو ما يمثل المستوىالادنى له منذ 18 عاما.

وأكد أن النفوذ الاقتصادي لايران على العراق لا يزال كبيرا، الا انه هش، مضيفا ان القيود المالية الامريكية، والاستياء الداخلي في العراق من التدخل الايراني، وخطط بغداد لتنويع مصادرها الغازية، تشكل كلها تهديدات خطيرة لنفوذ طهران.

وأشار إلى أنه في حال نجح العراق في تقليص استيراد السلع الايرانية واستبدال الغاز الايراني بامدادات محلية او تركمانية، وعزز من استجابة نظامه المصرفي للمعايير الدولية، فان ايران "قد تخسر احد اخر دفاعاتها الجيوسياسية والمالية المهمة في المنطقة".

واعتبر التقرير، أنه فيما يتعلق بالولايات المتحدة وحلفائها، فان تقوية استقلال العراق في مجال الطاقة وسلامته المالية، يجب ان تمثل اولوية استراتيجية، مضيفا انه فيما يتعلق بايران، فان تكلفة التمسك بالعراق في وقت قريب، قد تتخطى المكاسب.

 

ترجمة وكالة شفق نيوز 

 

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon