خطر مدمر على أبواب إيران.. نزوح قسري يهدد نحو 70 مليوناً خلال 16 عاماً

خطر مدمر على أبواب إيران.. نزوح قسري يهدد نحو 70 مليوناً خلال 16 عاماً
2025-06-09T20:07:34+00:00

شفق نيوز/ في قرى إيران النائية كما في شوارع طهران الصاخبة، يلوح في الأفق شبح أزمة لا صوت لها: أزمة مناخية زاحفة قد تغيّر شكل البلاد خلال أقل من عقدين.

الجفاف المتفاقم، فيضانات أكثر عنفاً، تصحر يزحف على الحقول، وانقطاع متكرر في الكهرباء، هذا هو السيناريو الذي يحذّر منه العلماء اليوم. الأسوأ؟ أن ملايين الإيرانيين قد يجدون أنفسهم مجبرين على مغادرة قراهم ومدنهم، بحثاً عن سبل حياة جديدة.

بحلول عام 2041، من المتوقع أن يواجه ما بين 50 إلى 70 مليون إيراني أي أكثر من نصف سكان البلاد أحداثاً مناخية شديدة على نحو سنوي، "مناخ إيران الجاف والاستهلاك المفرط للموارد المائية يفاقمان أخطار الجفاف والتصحر"، يحذر الدكتور مهدي زارع، أستاذ في مركز البحوث الدولي لعلم الزلازل والهندسة الزلزالية.

بحسب زارع، فإن 40 إلى 60% من الأراضي الزراعية الإيرانية، شريان الأمن الغذائي، قد تواجه ضغوطاً مائية حادة تهدد المحاصيل، ما ينذر بتشريد جماعي لسكان الأرياف.

ملايين تحت خطر موجات الحر

تشير التقديرات إلى أن درجات الحرارة في إيران قد ترتفع بمعدل درجتين مئويتين في بعض المناطق بحلول عام 2041. وفي ظل سيناريوهات الانبعاثات المتوسطة إلى العالية، سيجد بين 30 إلى 50 مليون شخص أنفسهم عرضة لموجات حر متطرفة، تتجاوز 35 درجة مئوية على مدى أسابيع متواصلة.

"بحلول عام 2041، سيعيش أكثر من نصف السكان في إيران في ظل خطر متكرر من أحداث مناخية شديدة التأثير، من بينها موجات حر شديدة ونقص في المياه وفيضانات مدمرة"، يضيف زارع.

هذا السيناريو يهدد المدن الكبرى حيث يُتوقع أن يقيم فيها 75% من السكان بحلول ذلك التاريخ، ما يجعلها نقاطاً حرجة للضغط البيئي والاجتماعي.

يعاني 70% من الإيرانيين حالياً من نقص في المياه، والاتجاهات المستقبلية قاتمة. بحلول 2041، قد يطال نقص المياه 80 إلى 90 مليون شخص، فيما يُتوقع أن تتجاوز الفجوة السنوية بين العرض والطلب 15 إلى 30 مليار متر مكعب.

في الوقت الحاضر، تبلغ إمدادات المياه المتجددة حوالي 90 مليار متر مكعب سنوياً، مقابل طلب يبلغ بين 100 و110 مليارات متر مكعب. وإذا استمرت الاتجاهات الراهنة، فقد ينخفض نصيب الفرد من المياه إلى أقل من 800 متر مكعب سنوياً، ما يقترب من عتبة "النقص المطلق" المحددة من الأمم المتحدة عند 500 متر مكعب.

كما أن انخفاض المتساقطات بنسبة 10 إلى 25% في بعض المناطق، وارتفاع معدلات التبخر، واستنزاف أكثر من 70% من طبقات المياه الجوفية تضيف طبقات جديدة من التعقيد إلى هذه الأزمة.

التربة تجف.. والمزارعون يفرّون

التصحر وزحف الرمال يهددان بتحويل مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية إلى أرض بور. ما بين 40 إلى 60% من الأراضي الزراعية في إيران مهددة بفقدان الإنتاجية، ما يعرض سكان الأرياف لخطر النزوح القسري.

"قد تُجبر ملايين العائلات في الأرياف على مغادرة قراهم والبحث عن سُبل عيش جديدة"، يقول زارع.

المناطق الأكثر عرضة لهذا الخطر تشمل أقاليم وسط إيران، سمنان، أصفهان، يزد، كرمان، وفارس، إضافة إلى خوزستان التي تعاني بالفعل من موجات جفاف شديدة وعواصف ترابية متكررة، فضلاً عن طهران وكرج.

ليس الجفاف وحده ما يقلق الخبراء. فالتغيرات المتطرفة في أنماط هطول الأمطار تعني أن البلاد ستشهد على الأرجح فيضانات أكثر عنفاً.

"ما بين 10 إلى 15 مليون شخص قد يصبحون عرضة لخطر فيضانات شديدة بحلول عام 2041"، يحذر زارع.

التغيرات المناخية تُلقي أيضاً بظلالها على قطاع الطاقة في إيران.

شبكة الكهرباء تواجه ضغوطاً متزايدة من ارتفاع الطلب أثناء موجات الحر، حيث يرتفع الطلب على التكييف بنحو 5 إلى 8% سنوياً، إضافة إلى تراجع إمدادات الطاقة الكهرومائية التي تمثل 15% من الكهرباء الإيرانية، بسبب انخفاض منسوب السدود.

"قد يتراجع إنتاج الطاقة الكهرومائية بين 20 إلى 40% بحلول 2041"، وفقاً لزارع.

الطاقة الحرارية، التي تشكل 80% من الإنتاج، تعتمد على المياه للتبريد، مما يعرّضها أيضاً لمخاطر مرتبطة بالجفاف.

النتيجة؟ عجز موسمي قد يصل إلى 10 إلى 20 غيغاواط، ما ينذر بانقطاعات طويلة في التيار الكهربائي، مع خسائر اقتصادية قد تصل إلى 2 إلى 5 مليارات دولار سنوياً في قطاعات رئيسية مثل البتروكيماويات وصناعة الإسمنت.

الحاجة إلى ثورة خضراء

للتصدي لهذا السيناريو المقلق، يطرح زارع رؤية طموحة تستند إلى التكنولوجيا الخضراء.

من بين الحلول المقترحة، تحلية المياه بالطاقة الشمسية، فهي قادرة على توفير مياه عذبة لنحو 5 إلى 10 ملايين شخص بحلول 2041.

بالإضافة إلى جمع المياه من الغلاف الجوي باستخدام تكنولوجيا مبتكرة، وهو حل مناسب للمناطق القاحلة مثل يزد وكرمان. أنظمة الري الذكية، التي قد تقلل استهلاك المياه في الزراعة بنسبة تصل إلى 40%. محطات معالجة مياه الصرف الصحي المتقدمة، قادرة على إعادة تدوير أكثر من 70% من مياه الصرف للاستخدام الزراعي والصناعي.

في قطاع الطاقة، يدعو زارع إلى تطوير مزارع شمسية ورياح واسعة النطاق، خصوصاً في صحراء لوت ومنطقة منجيل، بهدف تغطية 30 إلى 50% من احتياجات البلاد الكهربائية بحلول عام 2041.

يؤكد زارع أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يلعب دوراً محورياً في إدارة الموارد: "نماذج التعلم الآلي قادرة على التنبؤ بالجفاف وتحسين إدارة الطلب على المياه والكهرباء".

إلى جانب ذلك، يدعو إلى تمكين المجتمعات الريفية من خلال تزويدها بأنظمة طاقة شمسية ولا مركزية، ما يقلل خسائر النقل ويحسن المرونة المحلية.

"لتحقيق الأمن المائي والطاقة في العقود المقبلة، يجب على إيران أن تستثمر في حلول مبتكرة ومستدامة"، يخلص زارع.

خبر أونلاين- ترجمة وتحرير وكالة شفق نيوز

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon