جنود قاتلوا في العراق يوجهون رسالة لترامب بشأن الحروب "الأبدية"
شفق نيوز/ استعرض "معهد كوينزي" الامريكي، من خلال شهادات جنود وضباط حارب غالبيتهم في العراق، معاني ودلالات في مناسبة "يوم الذكرى" التي يحييها الامريكيون في آخر يوم اثنين من شهر ايار/مايو، مشدداً على ضرورة إيلاء الحكومات الامريكية، اهمية عدم التركيز على "المكاسب" في الحروب، وانما على كلفتها وعلى "أميركا أولا".
وأشار التقرير الأمركي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن "يوم الذكرى" يحل اليوم الاثنين، بالتزامن تقريبا مع الذكرى الـ50 لسقوط سايغون، والتي ذكرت بانهيار المشروع الامريكي باكمله في فيتنام، والادانة لاسطورة فرادة امريكا وعقلية الحرب الباردة المتطرفة التي سيطرت على واشنطن طوال معظم القرن الـ20.
ونقل التقرير عن الكاتب والاستاذ ستيفن والت، قوله خلال ندوة للابحاث حول الحرب، انه "لم تتم محاسبة القادة الذين اساءوا ادارة هذه الكارثة (فيتنام) قط، وظلوا لاعبين رئيسيين في المؤسسة طوال حياتهم، ولم يتعلم البلد الكثير من هذه التجربة المريرة، وكرر الاخطاء نفسها في العراق وافغانستان واماكن اخرى عديدة".
وتابع التقرير، أن الشعب الامركي، بما في ذلك الجنود القدامى، يبدون الان، وبعد 20 عاما من حروب ما بعد 11 ايلول/سبتمبر، انهم قد فهموا الرسالة، حيث انهم يعبرون من خلال استطلاعات الراي المتتالية، عن رفضهم لاستخدام القوة كاولى الخيارات المتاحة، ويتجنبون فكرة الحرب المحتملة مع ايران، والصين بشان تايوان.
وبعدما تساءل عما إذا كان قادة أمريكا يفهمون هذه الرسالة، ذكر بأن دونالد ترامب وصل الى الرئاسة في العام 2016 مقتنعا بانه سينهي الحروب "التي بلا نهاية" وعبر عن الاستياء الشعبي الواسع ازاء الكذب الذي تعرض له من اجل غزو العراق، ونشر القوات الامريكية بشكل كبير من اجل خوض حروب اختيارية في الخارج، أضاف أن ترامب خلال ولايته الثانية، وجه تحذيرات مشابهة، حيث انتقد مؤخرا اثناء جولته الخليجية، "المحافظين الجدد" الذين "انفقوا تريليونات وتريليونات من الدولارات وفشلوا في تطوير كابول وبغداد والعديد من المدن الاخرى".
كما ذكر أن نائب الرئيس جيه دي فانس، هو عسكري سابق، سبق ان حذر من نزعات التدخل خارجيا في الماضي، ونقل عنه قوله يوم الجمعة الماضي إن ترامب لا يريد سوى ارسال الرجال والنساء الى حروب تكون اهدافها واضحة، بدلا من "المهمات غير المحددة" و"النزاعات المفتوحة" مثلما كان يجري في السابق.
ونبه التقرير، إلى أن الادارة الامريكية الجديدة تضم شخصيات من قدامى المحاربين الاخرين، مثل وزير الدفاع بيت هيجسيث الذي لا يزال يوجه اشارات متضاربة عندما تتعلق المسألة باستخدام القوة من اجل الامن القومي مثلما فعل فيما يتعلق بتهديداته ضد ايران، وردود افعاله في فضيحة محادثات تطبيق "سيجنال" حول الغارات الجوية على اليمن.
وتابع التقرير متسائلا: "اذا كان يوم الذكرى هو للذكرى، فماذا نريد من ادارة ترامب ان تتذكر حول حروبنا الماضية والسياسات التي قادت اليها؟ وكيف نريد أن يتذكر ترامب وكبار مسؤوليه في البنتاغون ومجلس الامن القومي ووزارة الخارجية، وهي ثلاث مؤسسات تلعب دورا حاسما في سياستنا الخارجية، ذلك؟".
وتناول شهادات من قدامى المحاربين ممن قاتلوا في العراق وافغانستان، وما يرغبون بقوله لترامب عن اهمية "يوم الذكرى"، ونقل التقرير عن الجندي السابق في مشاة المارينز جيمس ويب، الذي خدم في العراق، مشيرا الى رغبة ترامب في تخصيص ايام نصر لاحياء ذكرى الحربين العالميتين، إن "امنيتي الوحيدة لهذه الإدارة هي ان تتفهم قدامى المحاربين وتضحيات الجيش، وتكلفة الحرب، ولا ان يقتصر تركيزها على ما يسمى الانتصارات التي يود ان يكرمها".
أما الضابط المتقاعد في سلاح الجو روبرت جيفنز الذي خدم في حربي العراق الاولى والثانية، فقد نقل التقرير عنه قوله حول ما يريده من ترامب، هو "باختصار، تكلفة الحرب باهظة، ورغم وجود اوقات يجب فيها دفعها، فانه يجب الا نتسرع ابدا في دفع هذا الحساب".
وبحسب التقرير، فإن المحاربين القدامى يريدون من ترامب ان يلتزم بتعهده بـ"امريكا اولا" من خلال اعادة توجيه السياسة العسكرية باتجاه الدفاع عن البلد، وعدم اساءة استخدام القوات المسلحة بهدف تحقيق اهداف سياسية، او بناء الامم، او تعزيز الديمقراطية، او الحرب نيابة عن الشركاء او حتى الحلفاء عندما لا تكون المهمة او المخاطر محددة بوضوح.
ونقل التقرير، عن العسكري السابق دان ديفيس، الذي خدم في حرب الخليج الاولى وافغانستان، انه يرغب من الرئيس الامريكي ان "يتذكر اننا جميعا تطوعنا للدفاع عن بلدنا، ولم نتطوع لحماية النفط السوري، ولم نتطوع للضغط على روسيا في اوروبا الشرقية، ولم نتطوع للقضاء على الاطراف العنيفة التي تهدد الانظمة الافريقية، ولم نتطوع للموت على الجزر او الشواطئ التايوانية".
ولفت إلى أن العسكري جون بيرنز الذي خدم في الجيش في العراق بعد فترة قصيرة من الغزو في العام 2003، كان يحمل رسالة مماثلة الى الرئيس ترامب وفريقه للامن القومي، حيث قال "ارجوكم الاستمرار باستراتيجية الامن القومي التي تركز على الحفاظ على امن امريكا من دون تعريض جنودنا للخطر بلا ضرورة"، والى القيادات المدنية والعسكرية في وزارة الدفاع "ارجوكم أوفوا بالتزامات البيت الابيض العلنية بتجنب الحروب غير الضرورية وانهائها، فانتم تدركون قيمة ارواح الشباب التي تحيونها".
واعتبر التقرير ان المسيرات ووضع اكاليل الزهور في المقابر العسكرية تمثل احدى طرق التعبير عن "يوم الذكرى"، اذ ترمز الى الاحترام الوطني والحزن على من خسروا ارواحهم، الا انع غالبا ما يكون هناك فصل ما بين الطقوس الرسمية، الكئيبة والخالية من التامل الحقيقي، وما يعتقده الامريكيون انها بمثابة الدروس الاساسية المستفادة.
اما الجندي السابق سيث هارب الذي خدم في العراق، فانه يقول "ارغب بان تتذكر ادارة ترامب ليس فقط الجنود الذين سقطوا، وانما ايضا ملايين الابرياء الذين قتلوا، وتريليونات الدولارات التي جرى هدرها، والتراجع الكارثي لمكانة امريكا في العالم نتيجة ربع القرن الاخير من الحروب التي بلا نهاية".
ترجمة: وكالة شفق نيوز