بغداد اعتمدت الـ"براغماتية".. هل يؤثر الملف السوري و"الشرع" على الانتخابات العراقية؟

بغداد اعتمدت الـ"براغماتية".. هل يؤثر الملف السوري و"الشرع" على الانتخابات العراقية؟
2025-07-02T12:16:50+00:00

شفق نيوز – ترجمة خاصة

خلص معهد "المركز العربي في واشنطن" الأمريكي، إلى أن "البراغماتية" هي التي تحكم سياسة العراق ورؤيته تجاه سوريا الجديدة، ويرى أنه بغداد ستستفيد بشكل كبير من قيام علاقة مستقرة مع دمشق خصوصا في مجالات الامن والحدود والمياه والطاقة والاقتصاد، وهي قضية لا يستبعد المعهد الأمريكي أن تؤثر على الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق.

وتحت عنوان "البراغماتية تشكل موقف العراق تجاه سوريا ما بعد الأسد"، يرى المعهد في تقريره الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن للعراق مصالح كبيرة من نجاح عملية انتقال السلطة في جارته سوريا بعد سقوط نظام بشار الاسد في كانون الاول/ ديسمبر 2024.

وبين أنه برغم أن بغداد ودمشق تؤكدان على اهمية تعزيز العلاقات بينهما، رغم اختلافاتهما السياسية والإيديولوجية، إلا انه اعتبر انه من المرجح ان يؤدي الماضي الجهادي للرئيس السوري المؤقت احمد الشرع، بالاضافة الى التوترات الجيوسياسية المرتبطة بايران،الى تعقيد علاقات بغداد ودمشق.  

ولفت التقرير الأمريكي إلى أن انهيار نظام الأسد، أثار قلق المسؤولين العراقيين، لكته تابع قائلا ان غالبية الفصائل المسلحة الشيعية العراقية لم ترسل مقاتلين الى سوريا لمنع سقوط نظامه، واختارت البقاء على الجانب العراقي من الحدود لحماية العراق من أي تداعيات قد تزعزع استقرار العراق من خلال التطورات السورية.

وبحسب التقرير، فإنه من المرجح أن قرار عدم التدخل العسكري، استند الى تقدير مفاده ان اي محاولة لدعم حكومة الاسد ستكون بلا جدوى، في ظل التقدم السريع للمتمردين المسلحين نحو دمشق، بالاضافة الى ان العراق رأى أن إيران أما غير راغبة او ليست قادرة على تقديم مستوى الدعم اللازم لشن هجوم مضاد فعال ضد "هيئة تحرير الشام" وحلفائها من المسلحين.  

وذكر التقرير، أنه بعد سيطرة "هيئة تحرير الشام" على دمشق، تكيفت القيادة العراقية بسرعة مع واقع "سوريا الجديدة"، حيث عدل كبار المسؤولين العراقيين خطابهم للاشارة الى دعمهم للعملية الانتقالية في سوريا وتمهيد الطريق أمام علاقات مستقرة، متخذين بذلك موقفا من الود الحذر تجاه القيادة الجديدة، في حين أن حكومة الشرع عززت من نهج المبادرات الملموسة من خلال سعيها الى طمانة العراق بالتزامه بحماية الاقليات الدينية والعرقية في سوريا والحفاظ على علاقات سلمية مع الدول المجاورة.

وأكمل، أن "هذه الجهود حدت من بعض المخاوف في بغداد بشأن النظام السياسي الجديد في دمشق، على الرغم من أن الحكومة العراقية لا تزال تبدو قلقة بشان تطور الاحداث السوررية، وكذلك بشأن ماضي الشرع في تنظيم القاعدة، في حين تخشى العديد من الاطراف العراقية من عودة نفوذ المتطرفين في سوريا التي يحكمها الشرع، وهي مخاوف تفاقمت وقد تفاقمت بعد تفجير كنيسة في دمشق في 22 حزيران/يونيو 2025.

انقسامات في العراق

ورأى التقرير، أن مسألة ادارة العلاقة مع سوريا ما بعد الأسد، تعتبر مسألة خلافية داخل العراق، حيث انه لكل طرف سياسي رئيسي في العراق، وجهات نظر مختلفة، اذ ان الدولة العراقية بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تحبذ اصطفاف بغداد مع قطر والمملكة السعودية في دعم التطبيع مع سوريا.

أما الطرف الثاني، المتمثل في الفصائل الموالية لإيران، بما في ذلك الميليشيات التابعة لمحور المقاومة، فقد قال التقرير أن لديها شعور شكوك كبيرة تجاه الشرع بسبب ماضيه الارهابي في العراق، بينما تعتبر العديد من الاطراف الشيعية أن "هيئة تحرير الشام" تحمل أوجه تشابه مثيرة للقلق، مع تنظيم داعش، وان اسقاط نظام الأسد هو مؤامرة دبرتها الولايات المتحدة واسرائيل وتركيا لتعديل ميزان القوى الاقليمي، والشرع وفقا لذلك، هو "وكيل" لواشنطن وتل ابيب وانقرة.

أما الطرف الثالث المتمثل في القوى السنية، فانها بحسب التقرير، تؤيد في الغالب تطبيع علاقة بغداد مع دمشق ما بعد البعث، ليتماشى موقفها بذلك مع موقف عواصم دول مجلس التعاون الخليجي، التي تعتقد ان هذه الاستراتيجية ستساهم في تقريب العراق من الدول العربية وتؤدي الى اضعاف نفوذ ايران.

ولفت التقرير إلى أن، هذه الديناميكيات المعقدة تضاف الى الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق، والمقررة في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، موضحا انه "لم يتضح بعد الدور الذي ستلعبه مسالة علاقات العراق مع سوريا ما بعد الأسد في التأثير على نتيجة التصويت، إلا أن التقرير اعتبر انه في حال استمرار الاعمال العدائية بين إسرائيل وايران فان القضايا المتعلقة بسوريا ستكون على هامش الحملة الانتخابية".

لكن التقرير تابع أنه "في حال صمد وقف اطلاق النار بين اسرائيل وايران، فإن مسألة دور العراق في مستقبل سوريا ستبرز كقضية مهمة في السياسة العراقية، حيث ان المرشحين سيطرحون رؤى متنافسة لسياسة العراق تجاه سوريا".   

وخلص التقرير الى القول إن هناك العديد من القضايا التي تمثل اهمية قصوى بالنسبة الى العراق، لعل أهمها هي مكافحة الارهاب وامن الحدود، بعدما خلفت الصدمة التي سببها تنظيم داعش، جروحا عميقة في المجتمع العراقي، والان يعتبر احتمال عودة ظهور داعش داخل سوريا واستخدامه الاراضي السورية نقطة انطلاق لتنفيذ هجمات ضد العراق، أمرا مثيرا لقلق العراقيين، كما لفت التقرير الى ان البلدين لديهما رغبة مشتركة ايضا في مكافحة تهريب المخدرات.

وتابع أن، قطاع الطاقة العراقي يمثل جانبا اخر من المشهد، مذكرا بان مسؤولين عراقيين وسرويين ناقشوا امكانية اعادة تاهيل خط انابيب كركوك-بانياس، المتوقف عن العمل منذ الغزو الامريكي للعراق في العام 2003، حيث أن اعادة تاهيل هذا الخط، الذي كان في السابق حلقة وصل مهمة تربط حقول النفط العراقية في كركوك بالساحل السوري على البحر الابيض المتوسط، من شانه ان يعزز بشكل كبير قدرة العراق على تصدير النفط الى سوريا، والى اسواق الطاقة الاوروبية الاخرى.

وثالثا، هناك حاجة العراق للمياه، مثلما شرح التقرير الامريكي، حيث يواجه العراق تحديات حادة في مجال الامن المائي بسبب عقود من الصراع، وسوء الادارة، وتفاقم التصحر، ولهذا فان التعاون مع دمشق في هذا الاطار بالغ الاهمية ويساهم في تقدم اكثر جدوى نحو ادارة مستدامة للموارد بين الدول الثلاث المشاطئة، بما في ذلك تركيا.

أما الأولوية الاخيرة فتتمثل في العلاقات الاقتصادية، حيث قال التقرير، أنه من المتوقع ان تتم استعادة منافع التجارة الثنائية الى مستويات ما قبل العام 2011، بما في ذلك في قطاعات مثل الزراعة والادوية والمنسوجات، كما انه بالامكان من خلال تخفيف العقوبات، تسهيل الطريق لاعادة فتح ممرات التجارة التقليدية بين العراق وسوريا، وعبر منطقة المشرق العربي الاوسع، بما يساهم في التكامل الاقتصادي الاقليمي.  

وختم التقرير بالقول انه بالنظر الى المستقبل، فانه برغم ان الحكومة السورية الجديدة التي تهيمن عليها "هيئة تحرير الشام"، تمثل تحديات جمة للعراق، إلا أن بامكان بغداد ان تستفيد بشكل كبير من علاقة مستقرة قائمة على الاحترام المتبادل مع دمشق.

وأوضح التقرير أن ميادين التعاون واسعة في مجالات مكافحة الارهاب، وأمن الحدود والمياه، وتكامل الطاقة، والعلاقات الاقتصادية، وغيرها، وانه في حال نجحت الحكومتان في تخطي نقاط التوتر، خصوصا تلك المتعلقة بالنفوذ الاقليمي الايراني والعداء بين ايران واسرائيل، فان فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية سيؤدي الى تعزيز المصالح الوطنية للعراق وسوريا، وتكن له منافعه على المنطقة بأكملها.

 

ترجمة وكالة شفق نيوز

 

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon