خاص.. "رصيد الحياد" يُمكن عُمان من الموازنة بين واشنطن وطهران
شفق نيوز – مسقط
أكد الباحث في الشؤون السياسية والمتخصص في
الدراسات الخليجية العُماني، محمد العريمي، يوم الأربعاء، أن سلطنة عُمان لا تزال تحتفظ بقدرة
مؤثرة في ملفات إقليمية شديدة التعقيد، وفي مقدمتها الملف النووي الإيراني، بفضل
ما وصفه بـ"رصيد الحياد الإيجابي والثقة التاريخية" التي تحظى بها مسقط
لدى مختلف الأطراف.
وقال العريمي لوكالة شفق نيوز، إن "دور
عُمان في تسهيل المحادثات السرية بين طهران وواشنطن عام 2013، والتي مهدت لاتفاق
2015، لم يكن حدثًا استثنائيًا، بل يعكس استراتيجية راسخة في سياستها
الخارجية"، مشيرًا إلى أن "عودة التوتر بين إيران والغرب قد أعادت تفعيل
هذا الدور العُماني، بما يؤكد استمرار حضورها كوسيط موثوق قادر على كسر الجمود السياسي".
وعن تميز الوساطة العُمانية، أوضح العريمي أن
"ما يميزها هو طابعها الهادئ والبناء على التراكم الصامت، دون ضجيج سياسي أو
إعلامي، وبعيدًا عن الاستعراض أو استغلال الوساطة كأداة نفوذ".
وأضاف أن "ثوابت السياسة الخارجية
العمانية – من احترام السيادة وعدم التدخل ورفض الاستقطاب – تجعلها وسيطًا نزيهًا
يستمع إلى جميع الأطراف ويقدم أرضية حوار محايدة نادرة في المنطقة".
وفي ما يخص احتمال توسع الدور العماني ليشمل
ترتيبات أمنية أوسع في الخليج، أشار العريمي إلى أن "عُمان تمتلك مقومات ذلك،
خاصة في ظل الحاجة المتزايدة لمقاربات أمن جماعي تشمل ملفات الأمن البحري وأمن
الطاقة والتهديدات غير التقليدية، إلا أن نجاح هذا الدور مرهون بقبول إقليمي
وتوافق دولي، وقد يواجه بمعوقات من قوى تعتبر هذه المبادرات تهديدًا
لنفوذها".
أما بشأن تجاوب واشنطن وطهران مع المبادرات
العُمانية، فرأى العريمي أن "التجاوب يتراوح بين الحذر والمرونة، فإيران تنظر
إلى مسقط كقناة تفاوضية موثوقة، بينما ترى الولايات المتحدة في عُمان شريكًا
دبلوماسيًا فاعلًا، لا سيما في ظل انسداد قنوات التواصل المباشر مع طهران"، مستدركا
أن "النجاح الكامل للوساطة العُمانية يظل مرهونًا بحسابات داخلية وخارجية
معقّدة لدى الطرفين، بما يشمل السياسات الأميركية، والضغط الداخلي في إيران،
والموقف الإسرائيلي".
وختم الباحث العُماني بالتأكيد على أن
"سلطنة عُمان تقف على مسافة واحدة من الجميع، لكنها بحكم الجغرافيا والمصالح
تجد أحيانًا تفاهمًا أكبر مع إيران في ملفات مثل أمن مضيق هرمز، دون أن يغيّر ذلك
من تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة"، مبينًا أن "قوة عمان تكمن
في كونها ليست جزءًا من أي محور، بل همزة وصل قادرة على تقريب المسافات، وهو ما
يفسّر فاعليتها الدبلوماسية".
واستضافت سلطنة عُمان، جولات المفاوضات بين
واشنطن وطهران، طيلة الفترة الماضية، وصولا للجولة السادسة، التي كانت من المفترض
ان تقعد، لكنها ألغيت بعد بدء النزاع الإسرائيلي الإيراني.
وقد قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الأربعاء،
أن الأسبوع المقبل سيشهد عودة المفاوضات مع طهران، وتوقع أن يتم التوصل لاتفاق
شامل.