"العدل والمساواة" تشعل الخلاف في حكومة السودان الجديدة

"العدل والمساواة" تشعل الخلاف في حكومة السودان الجديدة
2025-07-07T14:17:26+00:00

شفق نيوز- بغداد/ الخرطوم

أشعلت حركة "العدل والمساواة" بقيادة وزير المالية في التشكيل الحكومي السابق جبريل إبراهيم، والقائم بالأعمال حاليا لحين الإعلان عن التشكيل الحكومي الجديد، الخلاف بشدة في معسكر السلطة الذي يقوده العسكر منذ الانقلاب الذي أطاح بالحكومة في المدنية في تشرين الأول أكتوبر 2021، بعد رفض عرض عبد الفتاح البرهان قائد القوات المسلحة السودانية ورئيس مجلس السيادة بتقليص المشاركة في الحكومة الجديدة.

وتتمسك حركة العدل والمساواة بحصتها كاملة في الحكومة الجديدة وفقا لاتفاق جوبا للسلام الموقع بين الحركات المسلحة وقوات الجيش في العام 2020، والذي تحصل بموجبه الحركات المسلحة على نسبة 25٪ في الحكومة الجديدة، الأمر الذي تحاول إدارة بورتسودان بقيادة البرهان التنصل منه في حكومة كامل إدريس التي يُجرى تشكيلها حاليا.

رفض تام

وعرض البرهان على حركة العدل والمساواة، بقيادة جبريل إبراهيم، الحصول على وزارة المالية فقط في التشكيل الوزاري الجديد، لكن الأخير رفض العرض رفضا باتا، وتمسك بتمثيل حركته في وزارة أخرى على الأقل في التشكيل الحكومي الجديد، متمسكا بمبادئ اتفاق جوبا للسلام.

وترغب "العدل والمساواة" في الحصول على وزارة المالية ومعها وزارة الرعاية الاجتماعية، التي تنسجم مع توجهات ومطالب الحركة الاجتماعية والاقتصادية، لكن البرهان يرغب في تقليص نفوذ جبريل إبراهيم في الحكومة الجديدة ومنحه وزارة واحدة فقط، الأمر الذي فجّر الخلافات في معسكر بورتسودان بشدة.

ويشير مراقبون إلى أن الخلافات تبرز حول وزارتي المالية والمعادن، إذ تتمسك الحركات المسلحة بالسيطرة عليها لكونها مصدر التمويل الرئيسي في وقت تعرض خلاله الاقتصاد السوداني لضربات قاسية، أفقدته أكثر من ثلثي قدراته بسبب الحرب التي اندلعت في منتصف أبريل 2023.

وأصدرت الحركة بيانا، تحدث خلاله محمد زكريا الناطق الرسمي باسم العدل والمساواة، قائلا: "نعلن عن تمسكنا الكامل باتفاق جوبا ومبادئه واستحقاقاته، بما في ذلك المواقع التنفيذية التي أقرت بموجبه"، ليؤكد بشكل رسمي أن الحركة لن تقبل الدخول في أي مفاوضات مع البرهان أو مجلس السيادة للتنازل عن حق وقعت عليه بالفعل مع الحركات الأخرى في اتفاق رسمي ومُعلن ومعمول به في الحكومة السابقة.

ويرى الباحث السياسي والاستراتيجي، الأمين بلال، إن الخلافات التي تفجرت في معسكر عبد الفتاح البرهان في الوقت الحالي، حدثت من أجل تحقيق "مصالح انتهازية، تهدف للحصول على مكاسب إضافية في السلطة، وأضاف الأمين في حديث لقناة "سكاي نيوز عربية" أن أطراف التحالف قد تصل إلى حلول مؤقتة لإنهاء أزمة الحكومة الجديدة، لكن هذا سيخلق تناقضات كبيرة داخل تحالف البرهان قد يؤدي إلى "مواجهة ما" في المستقبل القريب.

وأشار إلى أن الخلاف الحالي الذي يتركز على وزارتي المالية والمعادن، يأتي بسبب أهمية الوزارتين في تمويل الحركات المسلحة والجيش في الوقت الحالي، مع التأكيد على أن تنظيم الإخوان المسلمين الذي يسيطر على قرار الجيش قد يطرح حلول وسطية على حركتي جبريل إبراهيم، ومني أركو مناوي قائد حركة تحرير السودان، لتمرير الأزمة الحالية، وتأجيلها إلى وقت لاحق.

ويسيطر تنظيم الإخوان على السلطات التنفيذية الإدارية والعليا في بورتسودان، ويتحكم بشكل كامل مع الحركات الإسلامية الأخرى في قرار الجيش السوداني، إذ يرغب في العودة من جديد إلى السلطة من خلال الحرب الحالية، ولا يريد تفويت الفرصة السانحة، بمنح الحركات المسلحة الأخرى نفوذا وقوى في الحكومة الجديدة، تستند عليها في مرحلة ما بعد الحرب للمطالبة بالمزيد.

وكان مراقبون قد تحدثوا لموقع "برق السودان" حول أن الصراع الحالي في تحالف البرهان والحركات المسلحة، ليس فقط من أجل الحصول على حقائب وزارية بعينها، وإنما من أجل السيطرة على النفوذ والسلطة في المستقبل، وخاصة في مرحلة ما بعد الحرب، وهو الأمر الذي يدفع البرهان بقوة لمحاولة تقليص نفوذ الحركات المسلحة في حكومة كامل إدريس، كخطوة أولى للتنصل من اتفاق جوبا.

كما تستند الحركات المسلحة على وعد البرهان الذي قال في تصريحات سابقة إن كل من رفع السلاح مع القوات المسلحة السودانية في الحرب، سيكون جزءا رئيسيا من أي عملية سياسية في المستقبل، لكن الحركات المسلحة لا تكتفي بمجرد التمثيل في الحكومة، وترغب في الحصول على النسبة كاملة.

خلاف داخل الحركات

وبينما يبرز رفض حركة العدل والمساواة لاقتراح البرهان بتقليص نفوذها في الحكومة الجديدة ومنحها وزارة واحدة فقط، أبدت حركة تحرير السودان مرونة في قبول عرض البرهان، من أجل توطيد العلاقات مع الجيش السوداني، الأمر الذي ينبئ بخلافات داخل معسكر الحركات المسلحة ذاتها.

وكان مناوي قد أبدى غضبه الشهر الماضي، بعدما علم بتسريب تفاصيل اجتماع جمع الحركات المسلحة مع ممثلي الحكومة الجديدة الذي غادره لاعتراضه على منح بعض الأعضاء سلطة أكبر من الحكومة بتمثيل في مجلس السيادة، وعدم اختياره ضمن الممثلين.

وكتب مناوي على حسابه بمنصة "إكس" في 22 يونيو الماضي: "انتشرت عملية تسريب الاجتماعات، ووجعت الأقلام والألسنة المقززة بعد تزوير المحاضر وإخراجها من المضامين، لغرض اغتيال البعض، وهذه الصفة الجبانة لا يجب ألا تكون سلوك الحكام، ومن أراد حرق المراكب ظنا منه أنه قد عبر، يخدع نفسه ويضحك على الشعب، وهذا الأسلوب يدفعنا إلى أن نتناول في الإعلام ما لا يمكن تناوله".

وجاء تهديد مناوي العلني بالإفصاح عن تفاصيل الاتفاقات بين الحركات المسلحة والجيش، البرهان للتواصل من خلال الاستخبارات العسكرية مع حاكم دارفور، الذي قبل في النهاية وفقا لمصادر سودانية عدة، تقليص نفوذ حركته في الحكومة الجديدة، ولم يُكشف بعد عن المقابل الذي حصل عليه لقاء ذلك.

وكتب المحلل السياسي السوداني هشام عباس، عبر حسابه على "فيسبوك"، حول تحرك البرهان على الفور لإرضاء مناوي، مضيفا: "ليس هذا لأهمية مني أركو مناوي أو لقدرات قواته المسلحة، ولكن لعلمه بأن مناوي من الممكن أن يقول كل شيء في العلن، وما بينهما الكثير من القذارة".

وتأتي موافقة مناوي على تقليص نفوذ الحركات المسلحة في الحكومة الجديد مخالفة لاتفاق جوبا، لتشير إلى خلاف قادم مع حركة العدل والمساوة التي تتمسك بالاتفاق الموقع، وترغب في الحصول على وزارتين بدلا من وزارة واحدة في التشكيل الحكومي الجديد.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon