بينها تدويل القضية.. تحرك باتجاهين لإنصاف ضحايا الكورد الفيليين

شفق نيوز/ أعلن مستشار شؤون الكورد الفيليين في مجلس النواب العراقي، فؤاد علي أكبر، يوم الجمعة، التحرك باتجاهين لإنصاف ضحايا الكورد الفيليين، الأول بالضغط على الحكومة العراقية لمتابعة قضاياهم والاهتمام بها بشكل أكبر، إلى جانب تقديم شكوى لدى السلطات العراقية على أزلام البعث الذين تم القبض عليهم مؤخراً واعترفوا بارتكاب جرائم ضد الكورد الفيليين، والاتجاه الثاني التحرك دولياً وتقديم شكوى في جنيف ولاهاي وطلب المساعدة الدولية للبحث عن المقابر الجماعية للكورد الفيليين.
وقال أكبر لوكالة شفق نيوز، إن "مغيبي الكورد الفيليين بحدود 22 ألف شخص وفق آخر إحصائية، لكن لم يعثر على رفاتهم رغم مرور 22 عاماً على سقوط النظام السابق، وكانت هناك محاولات كثيرة مع وزارة حقوق الإنسان في حينها وكذلك مع مفوضية حقوق الإنسان لكن لم يتم التوصل إلى حل".
وأضاف، أن "بعد القبض على عدد من المجرمين في النظام السابق الذين كانوا ارتكبوا جرائم كبيرة بحث الشعب، كان من ضمنهم متورط بجرائم ضد الكورد الفيليين، وتم تقديم دعوى عليهم".
ورأى مستشار شؤون الكورد الفيليين، أن "الحكومة العراقية مقصرة نوعاً ما بقضايا الكورد الفيليين، فلا توجد متابعة لها بشكل جدي، لذلك ارتأينا إلى تشكيل نوع من الضغط على الحكومة وعدم الاكتفاء بالشكوى لدى السلطات العراقية، كما تم تقديم شكوى في جنيف ولاهاي بهذا الخصوص".
وأوضح، أن "إمكانيات الحكومة ضعيفة في البحث عن المقابر الجماعية عموماً، لأن البحث يتطلب أجهزة (دي أن أي) متطورة، وما موجود من أجهزة في قسم المقابر الجماعية بمؤسسة الشهداء إمكانياتها متواضعة، لذلك هناك حاجة إلى جهد دولي للبحث عن شهدائنا ورفاتهم ومقارنة الـ(دي أن أي) للمقابر المكتشفة مع ذويهم وأقاربهم الموجودين".
وكان مسؤول أمني كشف في 1 شباط/فبراير الجاري، تفاصيل عن اعترافات "المجموعة الخمسة" من أتباع النظام البائد وجرائمهم بحق الكورد الفيليين، وكيف كانوا يلاحقونهم ويعتقلوهم دون أي أمر قضائي ومن ثم قتلهم ودفنهم في أماكن مجهولة في الفترة ما بين السبعينيات والتسعينيات من القرن الماضي.
وقال المسؤول الأمني، لوكالة شفق نيوز، إن "ملف الكورد الفيليين كان مسؤولاً عنه (اللواء خير الله حمادي) الذي شغل مناصب مدير أمن في الجانب الشمالي من العراق، وكان يلقب بـ(دراكولا البعث)، حيث عذب وقتل عدداً من الكورد الفيليين، ولم يتوقف عن إبادتهم بعد تكليفه بمهام مدير أمن بغداد الكرخ والرصافة، بل كان يلاحقهم ويعتقلهم دون أي سند قانوني، وبعدها يقوم بتعذيبهم وقتلهم ودفنهم في أماكن مجهولة".
وكشف أن "الضحايا كانوا من الكورد البرزنجيين نهاية عام 1984، فضلاً عن تعذيب السجناء الكورد الفيليين بتهمه التحريض ضد النظام عام 1974، فضلاً عن تهجير الكورد الفيليين ومصادرة أموالهم في حقبة الثمانينيات".
وكان جهاز الأمن الوطني، أعلن في 31 يناير/كانون الثاني 2025، "القبض على 5 من أعتى المجرمين من أتباع النظام البائد وقتلة الشهيد الصدر وشقيقته وآلاف العراقيين، وأن عملية إلقاء القبض جرت وفقاً لأحكام قانون حظر حزب البعث المنحل وبتنسيق عالي المستوى مع جميع الجهات ذات العلاقة والمؤسسة القضائية".
وأضاف أن "المتهم الأول سعدون صبري جميل القيسي، رتبته لواء، واعترف صراحة بتنفيذ الإعدام بسلاحه الشخصي بحق المرجع الديني محمد باقر الصدر وشقيقته، وتنفيذ الإعدامات الجماعية للمعارضين بتهمة الانتماء إلى حزب الدعوة الإسلامية، وأيضاً إعدام 8 مواطنين ودفنهم في مقابر جماعية في الفلوجة وجسر ديالى، وإعدام 2 من شباب آل الحكيم وقتل معارضاً من أهوار الناصرية".
وأضاف أن "المتهم الثاني، هو هيثم عبد العزيز فائق، رتبته عميد، ومن جرائمه الإشراف على عملية إعدام المرجع الديني محمد باقر الصدر وشقيقته وتنفيذ الإعدام بحق مجموعة من أعضاء حزب الدعوة الإسلامية".
وتابع أن "المتهم الثالث، هو خير الله حمادي، رتبته لواء، ومن أبرز جرائمه قيادة حملات اعتقال وتعذيب بحق أبناء قضاء بلد بذريعة الانتماء السياسي والمشاركة في عمليات إعدامهم ودفنهم، والإشراف على قمع المواطنين الكورد الفيليين في بغداد وإصدار وتنفيذ قرارات بالتهجير القسري لعوائل المعارضين في بلد إلى (نقرة السلمان) والتورط في جرائم قطع الأيدي في كركوك وتنفيذ العديد من الاعتقالات والإعدامات بحق المعارضين في بغداد".
ولفت إلى أن "المتهم الرابع، هو شاكر طه يحيى، رتبته لواء، ومن أبرز جرائمه المشاركة في إعدامات معتقلين كورد عام 1984 في بغداد ومنع إقامة مجالس العزاء على خلفية اغتيال المرجع الديني محمد محمد صادق الصدر والمشاركة في قتل المواطن المعارض سليمان برينجي".
وختم بيانه بـ"المتهم الخامس هو نعمة محمد سهيل صالح، رتبته لواء، ومن أبرز الجرائم قيادة حملات اعتقال وتعذيب استهدفت أكثر من 40 طالباً جامعياً من جامعة السليمانية وجامعات أخرى والملاحقة المستمرة لأعضاء الأحزاب الإسلامية".
وكان مدير الدائرة القانونية ورئيس لجنة شؤون الكورد الفيليين في مؤسسة الشهداء، طارق المندلاوي، أعلن في 6 شباط/فبراير الجاري، عن الشروع في استكمال معاملات المغيبين من أبناء هذه الشريحة، الذين بلغ عددهم 22 ألف شخص.
وقال المندلاوي في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "المؤسسة خاطبت مكتب رئيس مجلس الوزراء بشأن قضية الشهداء المغيبين من الكورد الفيليين، وقد قام المكتب بدوره بمخاطبة مجلس القضاء الأعلى، مما أسفر عن تشكيل محكمة مختصة للنظر في مصيرهم، خاصة أن أغلبهم ما زالوا مسجلين أحياءً في سجلات النفوس".
وأضاف المندلاوي أن "المؤسسة عملت على تسريع ترويج المعاملات واستصدار حجج وفاة من خلال المحكمة المختصة، حيث قامت محكمة الأحوال الشخصية بالنظر في قضاياهم، وتم اعتبارهم شهداء وشملوا بأحكام قانون مؤسسة الشهداء رقم 2 لسنة 2016".
وأشار المندلاوي إلى أن "عدد المعاملات التي تم استصدار حجج وفاة لها بلغ 70 معاملة حتى الآن".
وقال: "ندعو عبر وكالة شفق نيوز ذوي الشهداء المفقودين والمغيبين إلى مراجعة الدائرة القانونية، لجنة شؤون الكورد الفيليين في مؤسسة الشهداء، لاستكمال إجراءات ترويج معاملاتهم".
وتابع المندلاوي حديثه قائلاً: إن "الإحصائيات تؤكد وجود 22 ألف شهيد من المغيبين، حيث احتُجز أغلبهم في سجون نقرة السلمان، وسجن رقم واحد، وسجن الشعبة الخامسة، وأبو غريب، وسجون أخرى"، موضحاً أن "هؤلاء الشهداء دُفنوا في المقابر الجماعية، إلا أنهم ما زالوا مسجلين أحياءً في سجلات النفوس".
وبرغم سقوط النظام المباد فان الكورد الفيليين لم ينالوا حقوقهم الكاملة بحسب القرائن المتحققة التي تشير إلى أن معظم الذين عادوا إلى العراق من الكورد الفيليين واجهوا صعوبات في التقدم للحصول على الجنسية، أو لاسترجاع جنسيتهم العراقية الاصلية.
وكان نظام البعث قد نفّذ في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات حملة كبيرة لترحيل الكورد الفيليين، تضمنت سحب الجنسية العراقية منهم ومصادرة ممتلكاتهم وأموالهم المنقولة وغير المنقولة. كما تعرضوا للتسفير والتهجير والاعتقال والقتل إبان حكم الرئيس الأسبق أحمد حسن البكر في عامي 1970 و1975، ومن بعده نظام صدام حسين في عام 1980.
وتشير الأرقام إلى انه جرى ترحيل نحو نصف مليون كوردي فيلي إلى إيران نتيجة حملات الاضطهاد، واختفى ما لا يقل عن 15 ألف كوردي فيلي، معظمهم من الشباب، لم يتم العثور على رفاتهم بعد ذلك.
ويرى مؤرخون، أن التهجير جاء بسبب انتماءات الكورد الفيليين القومية والمذهبية (كورد، شيعة).
وفي عام 2010، أصدرت محكمة الجنايات العليا حكمًا بشأن جرائم التهجير والتغييب ومصادرة حقوق الكورد الفيليين، وعدّتها من جرائم الإبادة الجماعية.
كما أصدرت الحكومة العراقية في 8 كانون الأول/ديسمبر 2010 قراراً تعهدت بموجبه بإزالة الآثار السيئة لاستهداف الكورد الفيليين، وقرر مجلس النواب في العام نفسه، عَدّ عملية التهجير والتغييب القسري للفيليين جريمة إبادة جماعية.