دور الکورد في بناء الوطن والتحديات المستقبلية

دور الکورد في بناء الوطن والتحديات المستقبلية

دیار طیب برواري

2023-08-06T20:13:10+00:00

سنحاول في هذا المقال ان نرکز علی دور الکرد کمکون أساسي في بناء الوطن ( الدولة العراقیة ) من حیث القوة الاجتماعیة و الاقتصادیة و السیاسیة التي یتمتع بها. و ما ذا کان نتاج السیاسیة التي تعامل بها الاقلیم و قواه السیاسیة في موضوع المواطنة و استقرار الوطن، و تأثیر بعض الفاعلین و العوامل الداخلیة و الاقلیمیة و الدولیة علی ذلك و کیفیة التعامل معها، بغیة بناء دولة مستقرة یسود فیها السلام.

من المعروف ان العراق کدولة تأسست مع بداية عشرینات القرن الماضي علی خلفیة دخول القوات البریطانیة للبصرة و طردها للدولة العثمانیة من عموم المنطقة. ضمن اتفاقیة ( سایکس – بیکو) التي عقدت في فترة سبقت ذلك. کانت القوی الرئیسیة في حینه و التي تتحکم في معظم النشاطات علی مستوی العالم هي بریطانیا و فرنسا بالدرجة الاولی و روسیا القیصریة بالدرجة الثانیة و دول اخری مثل المانیا و الیابان و ایطالیا. کانت مهمة تأسيس دولة حدیثـة في المنطقة باسم العراق لیست سهلة و تواجهها عدة تحدیات تم تجاوزها العدید منها. فبعد مؤتمر القاهرة في آذار من سنة 1921 تم إصدار قرار تأسيس دولة باسم المملکة العراقیة. و تم تتویج الملك فیصل الاول ملکا علیها في 23 آب من سنة 1921.

کانت بدایة تشکیل المملکة العراقیة من لواء البصرة و لواء بغداد ، ثم تم الحاق لواء الموصل ( المنطقة التي کانت تشمل إقلیم کردستان حالیا) به في سنة 1925 مع عـملیة ترسیم للحدود تم ما یمکن ان تطلق علیة عملیة الانتهاء من بناء ملامح الدولة. کما یبدو من الوقائع التاریخیة ان المملکة العراقیة تکونت من قومیتین هما العربیة و الکردیة و هو ما کان واضحا علی علم المملکة و في دستورها. لا حقا و مع نهایة المملکة و تشکیل الجمهوریة العراقیة في 1958 فإن وضع القومیة الکردیة ظل کما هو مکونا و مشارکا رئیسیا في بناء هذه الدولة. مع الانقلاب لصالح التیار القومي العربي في 1968 و إستلام حزب البعث للحکم ، فإن الواقع لم یتغیر کثیرا و کان بناء الدولة علی اساس القومیتین واضحا. مع الاخذ بنظر الاعتبار ما شهده العالم العربي بشکل عام و العراق بشکل خاص من خلال التوجه القومي و التشجیع علیه و محاولة صهر القومیات الاخری فیه ( لاحقا عرفنا ان الولایات المتحدة الامریکیة کانت وراء ذلك)، الا أن ذلك لم یؤثر في النسیج القومي الکردي و لم یفقده بریقه القومي داخل العراق. في مرحلة لاحقة من تاریخ العراق و کاحد منجزات الثورة الکردیة ( ثورة ایلول 1961-1970) تم الاعتراف بحق الکرد بالتمتع بالحکم الذاتي في منطقة اطلق علیها منطقة کردستان للحکم الذاتي. لقد کان هذا الانجاز الوطني جزءا من معادات کل من إیران و ترکیا لهذا القرار الذي کانت تعتقد بانه سوف یثیر الکرد في دولها، لکن العراق و من خلال موقفه الوطني إصر علی قراره و حافظ بذلك علی النسیج العراقي و السلم المجتمعي. بعد مرحلة تغییر النظام في سنة 2003 کان الکرد من أهم القوی الفعالة في عملیة بناء و تاسیس الدولة من خلال التواجد في بغداد و العمل مع الشرکاء لوضع دستور جدید و مناسب لتلك المرحلة، و کذلك من خلال المشارکة في الاستفتاء الایجابي علی الدستور في 2005 وهو دستور وفر اوسع مساحة ممکنة لکل القومیات و الاعراق المتواجدة في العراق للمشارکة الفعالة و الحقیقیة في ادراة هذه الدولة.

بعد عملیة نفاذ الدستور کان من المفترض أن تسیر عجلة إدارة و بناء دولة العراق بشکل إنسیابي و منظم، نحو تقدیم الخدمات للمواطنین و بناء البنیة التحتیة في البلد . لکن القوی السیاسیة لم تکن مستعدة بشکل مناسب لتسلم زمام الامور و هي تفتقد الکثیر من الخبرة في مجال إدارة الدولة و بناء اسسس المواطنة. حیث توزعت المکونات في العراق علی أساس قومي ثم علی أساس دیني من ثم علی أساس مذهبي، کما یعلم الجمیع فإن مفهوم المواطنة لا یمکن أن یتحقق مع الترکیز علی کل هذه النوعات و خاصة اذا کانت سلبیة و لا تقبل التنازل و هي ترکز علی التمییز الطائفي و القومي. المراقب الخارجي للمشهد العراقي یلاحظ عدم الاستقرار في الدولة و عدم وجود نیة لدی القوی السیاسیة في بناء دولة حقیقیة ( دولة مواطن و تقدیم خدمات عادلة) بقدر بناء مؤسسته الحزبیة و والاستفادة من السلطة. هذا التقییم یشمل کل القوی السیاسیة و بکل اصنافها و حسب قوتها الجماهیریة و بشکل نسبي.

الکرد بطبیعـة الحال یتحملون الکثیر من المسؤلیة في هذا الصدد علی أساسین هما الاساس الاداري، حیث تمتع الکرد بنوع من الخبرة في إرادرة الدولة و فرض السیادة من خلال التمتع بمنطقة حظر الطیران سنة 1991 بعد قرار مجلس الامن 688 و بناء برلمان و حکومة للاقلیم و دخول الاحزاب السیاسیة في عملیة إدارة الحکومة بشکل دیموقراطي بعد ان کانوا فقط معارضین و محاربین للحکومات و الانظمة. الاساس الاخر هو کونهم القومیة الثانیة في البلد و عامل مؤثر في المجتمع العراقي.

الکثیر من المحللین یدرکون ان الوضع الحالي للدولة العراقیة و من خلال کل الافرازات التي شهدتها الساحة السیاسیة بعد انتخابات مجلس النواب العراقي في 2021 و تشکیل حکومة السید السوداني، و ظهور ملفات الفساد الخیالیة و السرقات للمال العام و الغیر متوقعة و ازمة عدم استقرار الدینار مقابل الدولار و التغییر في سعر الصرف مرتین خلال سنة واحدة. کل هذه و عدد لاباس به من الملفات السیاسیة و الدبلوماسیة و الاقتصادیة و الامنیة، یجعل المحلل و المفکر یدرك ان الوضع في العراق یشهد عمـلیة تغییر ( غیر متوقعة الملامح و النتائج) و هو ما یجعل القوی السیاسیة تعیش حالة من الحذر و الانضغاط. هناك الکثیر من المؤشرات حول التغییر الذي قد تشهده الدولة العراقیة. حیث عجز النظام الحالي في ادارة الدولة، و ضعف قدرتها علی تجاوز و حل الازمات المتعاقبة ( الخدمیة و السیاسیة و الدبلوماسیة). ما یهمنا في هذا الصدد ان نتطرق الی دور القوی السیاسیة الکردیة في إیصال الوطن الی هذا المنحدر و ایضا دوره في تجاوز ما یمکن ان یؤثر علی العراق کعامل مؤثر في الشأن العراقي.

الاستفتاء و محاولة ایجاد حل للازمة؛ شهد الاقلیم في 25 تشرین الاول من سنة 2017 استفتاءا شعبیا في الاقلیم للاجابة علی سؤال موجه للمواطن في رغبته في الاستقلال عن العراق او البقاء ضمنه، و کانت النتیجة 92 ٪ للاستقلال عن العراق. هذ الحدث لا یمکن النظر الیه مجردا من الظروف الذاتیة التي کان الاقلیم یشهدها و الظروف الموضوعیة التي انتجته، حیث الازمة بین اربیل و بغداد کانت في تصاعد و لا توجد بوادر أو نیة حقیقة لحلها، أو حتی للتخفیف من الضغط السیاسي الشعبي علی القوی السیاسیة، هذه القوی التي بدأت تعتمد خطاب الکراهیة القومیة و تضلیل الشارع من اجل الحصول علی اصوات الناخبین من جهة و لصرف النظر عن سوء ادارتها لعلمیة ادارة البلد. هذه اللعبة السیاسیة کانت في خدمة اعداء الوطن و لم تکن ابدا جزءا من بناء الدولة بشکل صحیح علی اساس المواطنة. بعد 2005 و لغایة الان لازالت الملفات العالقة عالقة بامتیاز بین اربیل و بغداد ( تحدید السلطات الاتحادیة وسلطات الاقلیم، تطبیق المادة 140 من الدستور، وضع قوات البشمرکة ضمن المنظومة الامنیة الوطنیة، المشارکة الحقیقیة للکورد في المؤسسات الحکومیة، حقوق الاقلیم في التعامل مع ملف النفط ). لذلك یمکن وصف عملیة التوجه الی اجراء الاستفتاء بالهروب الی الأمام، کاحد وسائل الضغط علی السلطة الاتحادیة و الاحزاب الحاکمة في بغداد من اجل حل عقدة بعض الملفات و إعادة بناء الثقة بین شرکاء الوطن. لکن النتائج لم تکن کما توقع الکثیرون، حیث لم نجد لاحقا ما یدل علی تفاعل ایجابي في العلاقة بین بغداد و اربیل، بل شاهدنا استعمال السلاح بین الطرفین.

العامل الاقلیمي و الدولي؛ یمکن الاشارة الی أن العامل الاجنبي و القوی الدولیة التي کانت تضغط باستمرار علی الجانبین من اجل حل المشاکل العالقة و التوصل الی نوع من الاستقرار في ادارة الدولة، الذي جاء لادراك تلك القوی مدی أهمیة بناء الثقة و حل الملفات بین الجانبین لتحقیق الاستقرار و فرض الامن و البدأ بالتنمیة. لکن للاسف و بشكل عام فإن القوی السیاسیة العراقیة و الکردیة بشکل خاص لم تعي هذه الرسالة و لم تتبناها بشکل مناسب. مما جعلنا نسمع في الکثیر من المناسبات ان القوی الدولیة غیر راضیة عن اداء القوی السیاسیة و ان ادارة البلد لاتسیر بالشکل المطلوب و أن هناك سیناریو وارد لتغییر کل العملیة السیاسیة. فیما یتعلق بالکرد تحدیدا فإنها لم تستطع ان تجعل من علاقتها مع القوی الاقلیمیة و الدولیة و کذلك بعثة الامم المتحدة في العراق و الاتحاد الاوربي طرفا یساعد علی فرض الاستقرار و یدعم منهجیة بناء الدولة و يثري التجربة الدیمقراطیة و کذلك لم یکن لها دور فعال في بناء مؤسسات حکومة الاقلیم و ادارة الاقلیم بشکل فعال وفق رؤی متطورة. کما لاحظنا في عدة مناسبات ان هذه القوی غیر راضیة و احیانا مستاءة من ادارة الاقلیم و العملیة السیاسیة فیه.

بناء العلاقات بین القوی السیاسیة ؛ بعد 2005 کانت القوی السیاسیة في اربیل تعتمد علی مبدأ العلاقات و الاتفاقات ( الکونکریتیة) التي عقدتها مع القوی السیاسیة العراقیة بشکل عام و القوی الشیعیة بشکل خاص و هي کانتا قبل ذلك تناضلان و تعملان معا لاسقاط النظام من خلال عملها في الکفاح المسلح و لاحقا في مرحلة المعارضة العراقیة. ان القیادة المحسوبة علی الکورد في بغداد و کذلك في الاقلیلم کانت غیر موفقة في معالجة القضایا التي تم الاتفاق المسبق علیها و تم وضع عدد منها في الدستور العراقي. بالرغم من ان الکرد قام بتحمیل الجانب الاخر المسؤلیة الکاملة، الا ان الواقع یکشف ان المشاکل لم تحل و الاتفاقات لم تنفذ و الاشکلات أصبحت تتوسع، و بالتالي فالنتیجة واحدة و هي لا تصب في مصلحة القومیة الکردیة کجزء من المكون العراقي و لا یصب في مصلحة بناء الوطن بشکل عام. إن العقد السیاسیة اذا لم یتم حلها و تفکیکها تتحول الی حالة من التعقید في الاشکالیة بحیث یصعب التعامل معها لاسباب عدیدة من ابسطها استغلالها و تسویقها من قبل القوی السیاسیة خاصة في فترات الدعایة الانتخابیة و تسویقها في السوشیال میدیا و التي بدأت تعمل کأداة في توجیه الرأي العام لصالح اهدافها. یلاحظ علی العلاقات بین بغداد و اربیل الاعتماد علی العلاقات الشخصیة و الصداقات مع ان المبدأ في السیاسة هي المصالح المشترکة، یمکن ادارك ان بناء رؤیة مشترکة للبلد و ابعاده عن التخندق في جانب طرف اقلیمي أو دولي، کانت من اهم المشاکل التي تواجه اتفاق القوی السیاسیة التي کانت تدیر البلد بشکل اساسي و طبعا القوی الکردیة کانت مهمة في هذا الصدد. من هنا یمکن الاشارة الی ان بناء رؤیة و استراتیجیة لقیادة البلد لم تکن موجودة حتی لدی القوی الکردیة، أو علی الاقل لم تکن معلنة، لذلك کانت معظم القوی السیاسیة انتهازیة و تبحث عن مصالحها و تعمل علی البقاء في الساحة من خلال الکسب لاصوات الناخبین. في هذه المعادلة کان الکورد في نطاق غیر موفق و لم یحققوا ما یمکن ان یطلق علیه انجاز وطني.

البناء علی تجربة الماضي؛ کانت التجربة في ادارة الدولة العراقیة منذ العشرینات من القرن الماضي و لغایة الان، غیر موفقة في التعامل مع الملف الکردي و لم تحقق الانجاز المطلوب فیه. الامر الذي جعل الحکومات العراقیة المتعاقبة و القوی السیاسیة الکردیة تقع تحت ضغط قوی اجنبیة، هذه القوی کانت منافسة للعراق و تعمل علی إضعافه بشکل مستمر وتحمل اجندات خاصة بها. الامر الذي جعل البلد یدفع من امواله ما لایمکن تقدیره و من خیرة شبابه و من عمره کبلد، حیث کان سابقا نموذجا للتطور في المنطقة و العالم. هذه‌ الخبرة السابقة کانت الاساس في موضوع التعامل مع الملف الکردي سواء في بغداد أو في اربیل، و لان بناء الثقة لم یکن من الملفات التي اهتموا بها. لذلك کانت و لازالت التهم بین الطریفین لا تتجاوز حلقة الماضي المؤلم بین الطرفین. من هنا یمکن الاشارة الی ان عملیة بناء الثقة لیست شخصیة بل هي مؤسساتية و تحتاج الی نوع من الشرعنة و القانونیة، فکل اتفاق مبني علی اسس دستوریة و قانونیة و معلن للملأ و مسوق بشکل مناسب في الاعلام سوف یمنح الارضیة المناسبة لبناء الثقة و التحول الی ملفات اخری. لکننا نجد ان کل طرف یروج لما یحصل علیه من الطرف الثاني بدون توافق و رضا، و هذا ما کان یعاني منه الطرف الکردي، حیث الحکومة في بغداد و القوی السیاسیة فیاه، لها الید العلیا و تستطیع ان تمارس ضغوطا متنوعة علی القوی الکردیة و حکومة اربیل، بالرغم من ان اربیل کانت تنتقد ذلك في الکثیر من الاحیان، لکن قدرتها علی ایجاد مخارج و علاجات لتلك السیاسة لم تکن ناجحة بشکل مقنع.

الدولة العمیقة؛ خلال فترة رئاسة السید نوري المالکي لمجلس الوزراء، ظهر مصطلح الدولة العمیقة، حیث کان یعتقد ان هناك شبکة منظـمة تقوم بادارة البلد في عدة ملفات ( امنیة و اقصادیة). بالطبع هذا لم یکن في مصلحة البلد و فقد البلد الاستقرار و الثقة بین المکونات الرئیسیة و فقد الکثیر منهم حیاتهم و فتح مجالا للتطرف بکل انواعه و هدر الکثیر من المال العام، نتج عنه لاحقا دخول واستيلاء المنظمات الارهابیة علی ثلث العراق و سیطرته علی ثلاث محافظات علی الاقل. لکن ما یمکن ملاحظته بعد انتخابات عام 2018 هو دخول عامل وطني علی خط اتخاذ القرار ولاحقا اصبح الرأس المدبر لسیاسة البلد، و هو رئیس مجلس القضاء الاعلی. لقد اصبح مشهد المنضدة المربعة ( اربع اشخاص علی منضدة واحدة ) مألوفا لدینا و اصبحنا نعتقد بان ذلك في مصلحة البلد. حیث نجد کل من رئیس مجلس النواب، رئیس الجمهوریة، رئیس مجلس الوزراء، رئیس مجلس القضاء الاعلی. یجتمعون من اجل مناقشة ادارة البلد. انه من المستغرب ان نجد السلطة القضائیة تدخل في هذا المجال و هو بعید عنها کل البعد. کما یمکن ملاحظة عدم دخول رئیس المحکمة الاتحادیة علی هذا الخط و هو لیس مرتبطا دستوریا بمجلس القضاء، و هذا بذاته یجعلنا في شك و تساؤل حول ذلك. ان العراق الاتحادي مبنی علی اساس الفصل بین السلطات ( القضاء ، التشریع، التنفیذ)، کما ان هذه السلطات موزعة بشکل ثنائي. حیث السلطة التنفیذیة یتولاها شخصین ( رئیس الجمهوریة و رئیس مجلس الوزراء) و السلطة القضائیة یتولاها شخصین ( رئیس مجلس القضاء الاعلی و رئیس المحکمة الاتحادیة). والسلطة التشریعیة یتولاها شخصین ( رئیس مجلس الاتحاد و رئیس مجلس النواب) و کما هو معروف ان مجلس الاتحاد لم یتشکل بعد. من هنا ندرك قوة و تأثیر العراب ( رئیس مجلس القضاء الاعلی) علی ادارة ملف البلد. المحلل للمشهد العراقي یدرك ان هذا الشخص له تاثیر جوهري في الملفات الحساسة في البلد. و قد یبقی کذلك لفترة من الزمن و هناك احتمال ان یتولی ادارة البلد بشکل اساسي عند حدوث ما یعکر صفو الجو العام في العراق أو یجعل القوی الدولیة تعید النظر في خریطة و منهجیة دارة البلد. من متابعة حرکته و نشاطته و لقاءاته و اجتماعاته ندرك مدی الدور الذي یلعبه هذا الفاعل المؤثر في المعادلة العراقیة. ، و نحن نذکر ذلك في سبیل الترکیز علی اساس موضوعنا حول دور الکرد في بناء هذا البلد، حیث نلاحظ أن حکومة الاقلیم و القوی السیاسیة لم تدرك اهمیة هذا الشخص في الفترة السابقة و لم تستطع ان تتعامل معه بشکل صحیح و سلیم. و کان نتیجة ذلك أن المحکمة الاتحادیة اتخذت عدة قرارات غیر دستوریة ضد الاقلیم، کما تذکر ذلك بیانات حکومة الاقلیم. إن دور و علاقة القوی الکردیة بهذا الفاعل و المحرك لعجلة ادراة الدولة لکم یکن بالمستوی المناسب و المطلوب، فنحن لا نشهد علاقة ایجابیة و منهجیة بینهما و هو مجال یمکن ان یحدث ضعفا في دور الکرد في بغداد بشکل عام.

یبقی علی الکرد یبنوا استرتیجیة مناسبة لادارة الاقلیم بعیدا عن التحزب و رفض الاخر و ان یبنوا استراتیجیة وطنیة مناسبة في التعامل مع القوی السیاسیة في بغداد و ان تکون القوی السیاسیة الکردیة عاملا رئیسیا في تطور الوطن و بناء الاستقرار و السلم المجتمعي وفق رؤیة مشترکة، و علیهم الاستفادة من کل الفاعلین في الساحة العراقیة مهما کان دورهم بسیطا. کما یجب ان یکون جذب الطرف الثالث من قوی اقلیمیة و دولیة لممارسة دور إیجابي و مساعد في تنفیذ هذه الرؤیة و بعاد المشاکل عن الساحة السیاسیة العراقیة و ضمان السلم المجتمعي و تطبیق الدستور. لان القوی السیاسیة الکردیة غیر قادرة علی إعادة السیناریوهات السابقة لثبوت عدم ربحیتها و لعدم ضمان نتائج معقولة و مقبولة کما ان الظرف العراقي و الدولي و الاقلیمي متغیر و لم یعد کما کان.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon