الفن في العراق البدايات النشطة والانحسار الراهن

الفن في العراق البدايات النشطة والانحسار الراهن

صادق الازرقي

2024-02-24T17:00:46+00:00

صادق ازرقی/ يجمع المؤرخون على ان للفن العراقي تاريخ طويل ومتنوع، وقد ازدهر عبر العصور مع ازدياد التأثيرات والتغيرات الثقافية والسياسية.

وبرغم التحديات التي واجهتها الثقافة العراقية بسبب الصراعات والحروب، فإن الفنانين العراقيين يحاولون ان يواصلوا التعبير عن هويتهم وتجاربهم بوساطة أعمالهم الفنية.

في العراق، تأثرت صناعة السينما والتلفزيون بشكل كبير بالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مرت بها البلاد على مدى العقود الماضية، ما أثر على جودة وكمية الإنتاج الفني. لقد تأثرت الصناعة بالحروب والنزاعات والانقسامات الداخلية، مما جعل من الصعب على الفنانين والمنتجين تقديم أعمال فنية ذات مستوى عال، مقارنة في الاقل بما يقدم في بعض الدول العربية ودول الجوار.

مع ذلك، يجب أن نلاحظ أن هناك مواهب فنية كبيرة في العراق، وعدد من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية العراقية حققت نجاحا وحصلت على جوائز دولية؛ ومع تحسين الظروف الاقتصادية والأمنية في المستقبل، قد يرى القطاع الفني في العراق تطورا وتحسنا أكبر.

الحركة التشكيلية العراقية لها تاريخ غني ومتنوع، وكانت متميزة في الماضي لعدة أسباب، منها التأثيرات التاريخية والثقافية، اذ تمتلك الحضارة في وادي الرافدين تاريخا عريقا متنوعا يعود لآلاف السنين، مما جعل للفن التشكيلي في العراق تأثيراً قوياً وتاريخاً عميقاً، بحسب نقاد الفن؛ ولكون المجتمع العراقي يمتاز بتنوع ثقافي قومي وديني، فقد نتج عن ذلك تنوع كبير في الأساليب والمواضيع التي تناولها الفنانون العراقيون في أعمالهم.

وكان للفنانين العراقيين دور فاعل في المشهد الفني العالمي، اذ شاركوا في معارض دولية وتبادلوا الخبرات مع الفنانين من شتى أنحاء العالم، مما أسهم في إثراء الحركة التشكيلية العراقية وجعلها متميزة.

وكان للفن التشكيلي في العراق دوراً هاماً في التعبير عن التجارب الوطنية والاجتماعية، بخاصة في الاوقات الصعبة من التاريخ الحديث للعراق، مما منح الفن التشكيلي عمقا ومعنى إضافيين.

وبرغم ان كثيرين ينظرون إلى أن الفن العراقي بصفته فنا متقدما ويمتلك شروط النجاح المتواصل في الساحة العربية فان آخرين يقولون ان ذلك الاعتقاد ضرب من النرجسية والاعتزاز بالهوية من دون قراءة وبحث فاحص لأدق التفاصيل المرتبطة بالإخفاقات التي تتكرر في هذا الفن.

وبحسب رأيهم فان الفن العراقي اصبح لا يمتلك مقومات الفنون العالمية وظل أسير توجَّهات وأساليب تلاشت أمام تطور الغالب من الفنون الإنسانية لو قُيِّض لنا المقارنة بما تطور من فنون كفن السينما والمسرح وفن الجسد في العالم، ويلفتون الى ان (فن الرسم) مثلاً يعيد إنتاج المخرجات ذاتها، ويتساءلون بالقول: هل وجدتم فناناً منذ الثمانينات والتسعينات وحتى الآن غيّر من أسلوبه وطور من تقنيات اشتغاله؟ هل رافقت الفن الحديث موجات تطور ولو بسيطة تماشياً مع تطور العلوم الإنسانية بحيث نجد صلة ترابط بين عقل الفنان وآخر الاختراعات العلمية؟ ويزيدون بالقول: ان اغلبية الفنانين العراقيين لجأوا إلى إنتاج الفن تجارياً ومنهم من ينجح في ذلك والغالب يخفق في بيع لوحاته بالسعر الذي يوده وكلما اقتربت من أولئك النفر من الفنانين وجدتهم لا يعون معرفة الفن إلا تجارياً وهذا تحول خطير أدى في نهاية الأمر إلى إيجاد فن رديء لا يستطيع النهوض على قدميه يضاف لذلك، أنه فن خالٍ من أي سمات أسلوبية لنتاج عقل ومخيلة الفنان بل هو متكرر، على حد وصفهم.

ويعبرون عن اسفهم بالقول: دخل سياسيون "مرتزقة" لجوهر سوق الفن وبدأوا عبر وسطاء فنانين في داخل بغداد لفتح قاعات فنية تعرض وللأسف مع اعمال قامات مثل محمد مهر الدين ورافع الناصري، لأسماء نسوية فاشلة كل ما في الأمر ان رغبة الوسيط هو تحريك مشاعر وغريزة من يزور تلك القاعة ويتفرَّج على مساحتها "لأن الغالب من الأكاديميين جاملوا غيرهم وكتبوا رسائل وأطاريح لطلبة زيَّفوا الحقيقة" لأن نقاداً مارسوا لعبة طباعة الكتب الفنية وقايضوا الآخر ونجحوا في تحقيق مكاسب مالية فما ظهر بعد عام 2003 "كشف عن استلاب فكري وجمالي جرد الفن من أهميته أمامنا، تحوِّل الفنان إلى سمسار تجاري لن يكف عن التفكير ببيع لوحته من دون أن ينظر إليها كنشاط ذهني يؤسس لجمال وتعبير خالص".

ومنذ العام 2003، واجهت الصناعة السينمائية في العراق تحديات كبيرة بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد؛ ومع ذلك، فإن بعض الأفلام العراقية حققت نجاحا دوليا وحصلت على جوائز مرموقة في المهرجانات السينمائية الدولية.

وبرغم التحسينات التي حدثت في السنوات الأخيرة، لا زال هناك عديد التحديات التي تواجه صناعة السينما في العراق، بما في ذلك نقص التمويل والبنية التحتية السينمائية المتدهورة وقلة الدعم الحكومي.

اما المسرح في العراق فبرغم انه ابتدأ بوقت مبكر منذ عام 1893، بحسب المؤرخين، بل ان اول مسرحية تاريخية عن ( نبوخذ نصر ) قدمت عام 1888 وهناك عروض عديدة، قدمت في نينوى و بغداد في العقدين الأولين من القرن العشرين.

ولعل ابرز فرقة شكلت في هذه المرحلة من تاريخ النشاط المسرحي في العراق هي (الفرقة التمثيلية الوطنية) التي اقترنت باسم الفنان الرائد حقي الشبلي، وقد جرى تأسيسها في نيسان 1927 ولقد كان لهذه الفرقة دور كبير في انعاش النشاط المسرحي و توسيع رقعته، بخاصة في النصف الأول من الثلاثينات.

ولا نريد ان نذهب بعيدا في الماضي، بل يمكن القول ان سبعينات القرن الماضي شهدت ولادة، الفرق الرسمية التي تشرف عليها الدولة ومنها (الفرقة القومية للتمثيل) و (فرقة اربيل للتمثيل) وهي تتبع قسم المسارح في دائرة السينما والمسرح. ومن الفرق الرسمية ايضا كانت (فرقة المسرح العسكري) التي ترتبط بالتوجيه السياسي في وزارة الدفاع.

اما الفرق المسرحية الاهلية فتعددت واهمها، فرقة المسرح الفني الحديث، وفرقة المسرح الشعبي وفرقة المسرح الحر وفرقة 14 تموز للتمثيل، وفرقة مسرح اليوم، وفرقة اتحاد الفنانين، وفرقة العراق المسرحية، وفرقة مسرح الرافدين، وفرقة مسرح بغداد، وفرقة مسرح الجماهير، وفرقة مسرح الرواد في محافظة نينوى، وفرقة المسرح الكوردي الطليعي في السليمانية، و فرقة مسرح كربلاء الفني.

والى جانب تلك الفرق التمثيلية، كانت تعمل فرق اخرى غير محترفة، باسم مؤسسات ونقابات مثل كلية الفنون ومعهد الفنون والجامعات ونقابة الفنانين.

كما تعددت الصالات ومنها، المسرح الوطني ومسرح الرشيد ومسرح قاعة الشعب، ومسرح الخيمة (الثورة الجوال)، ومنتدى المسرح.

وهذه الصالات تتبع دائرة السينما والمسرح في وزارة الثقافة والاعلام، ومسرح المنصور، ولمعهد الفنون الجميلة ببغداد مسرحين، ومجموعة من صالات لكلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد، ومسرح بغداد، التابع لفرقة المسرح الفني الحديث، ومسرح الستين كرسيا لفرقة المسرح الشعبي، ومسارح مراكز الشباب، وكان في كل محافظة قاعة أو قاعتان، تتبع وزارة الحكم المحلي أو وزارة التربية وثمة صالات أخرى في بنايات المنظمات "الجماهيرية" والجامعات.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon