هذه أسبابها ومعالجاتها.. "السُمنة" خطر بمستوى وباء يصيب 30‎% من العراقيين

هذه أسبابها ومعالجاتها.. "السُمنة" خطر بمستوى وباء يصيب 30‎% من العراقيين
2024-03-04T12:27:11+00:00

شفق نيوز/ يعاني نحو 30‎% من العراقيين من مرض السُمنة، فيما جاء البلد بالمركز التاسع عربياً في معدلات البدانة، وهو الأمر الذي أثار قلق المختصين مع حلول اليوم العالمي للسمنة الذي يوافق 4 آذار/ مارس من كل عام.

وبدأ العراق يقترب من الأرقام الخليجية وخاصة عند الأطفال، حتى وصل إلى المرتبة التاسعة عربياً في معدلات البدانة، في ظل كثرة الأكلات الدسمة وقلّة الحركة وعدم وجود سياسة وطنية واضحة للتصدي للسمنة التي تشهد ارتفاعاً مستمراً حتى أمست بمستوى وباء في عموم العالم.

واليوم العالمي للسمنة، هو بمثابة فرصة لتسليط الضوء على الحاجة إلى الحديث عن السمنة والشباب، فالسمنة تشكل قضية صحية رئيسية في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط.

وقالت المنظمة في بيان لها اليوم، يعاني أكثر من نصف النساء 53%، ونصف الرجال 45% تقريباً، وكذلك 8% من الأطفال والمراهقين في سِن المدرسة، من السمنة على نحو مثير للقلق، في حين يعاني 20.5% من زيادة الوزن. وإذا لم تُتخذ أي إجراءات لمعالجة السمنة، فمن المتوقع أن تزيد تلك المعدلات.

أسباب السمنة

لا تعتبر السمنة مؤشراً لمرض، لكنها حالة طبية معقدة تعود لأسباب مختلفة نتيجتها السمنة، وفق خبير التغذية، الدكتور دارا محمد، مبيناً أن أسباب السمنة تختلف من شخص لآخر، ولها أكثر من سبب، منها فقر التغذية.

ومن أسباب فقر التغذية الذي يؤدي إلى السمنة، يوضح محمد لوكالة شفق نيوز، هو زيادة استهلاك السكّريات والدهون مع قلّة استهلاك الفيتامينات والمعادن والميتابويلات الثانوية، والاعتماد على الوجبات السريعة والمشروبات الغنية بالسكّر والأغذية المعلبة والمعالجة، وكذلك الوجبات الخفيفة بين الوجبات الرئيسية. لكن هناك أسباب وراثية للسمنة، وفي تلك الحالات من الصعب إنقاص الوزن، يقول محمد.

ويضيف، أما السبب الثالث للسمنة، فقد يعود إلى قلّة النشاطات الفيزيائية التي تؤدي إلى حياة غير نشيطة، وقلّة التمارين، وأن تراكم الكالوريات الزائدة في الجسم قد تتحوّل إلى سمنة في النهاية.

وتابع، كما أن الأسباب الفيزيولوجية تؤثر على زيادة السمنة، من الوضع العاطفي والضغط والكآبة، وكذلك العوامل البيئية، والحالات الاجتماعية والاقتصادية التي تتمثل بتمكّن العائلة من شراء الغذاء الصحي، وكذلك التداخلات الثقافية والتاريخية.

أما السبب الأخير، فهو - بحسب خبير التغذية - الوضع الصحي العام للشخص، إذ هناك حالات خاصة مثل استخدام دواء معين قد يؤدي إلى السمنة.

ويشير محمد إلى أن السيطرة على هذه الحالات، ولو أن بعض الحالات الوراثية قد تكون صعبة، ولكن يجب التركيز على مسألة التغذية.

ويبيّن، صحيح أن استهلاك السكّريات والمواد الدهنية بشكل كبير مع قلّة استهلاك الفيتامينات والمعادن عامل مهم في السمنة، لكن في الوقت نفسه يجب معرفة أن صحة الإنسان - بوجود أو عدم وجود السمنة - هي المعدة، إذ ان الصحة تبدأ من المعدة (الأمعاء)، ففيها المايكرونايز وتريلويات من البكتيريا.

ويوضح، عند تناول أي شيء فإن الأكل يصل إلى هذه التريولينات من البكتيريا والفيروسات والخمائل والفطيرات والديدان، ولكي نكون سعداء وبمزاج جيد ومناعة عالية يجب مساعدة هذا المجتمع المجهري الموجود في الأمعاء، من خلال الالتزام بالنظام الصحي، وبخلافه سيؤدي إلى نتائج غير مرغوبة منها السمنة.

مليار شخص بدين

ومع حلول اليوم العالمي للسمنة، فجرت دراسة حديثة بأن أكثر من مليار شخص في العالم، بينهم أطفال ومراهقون، يعتبرون مصابين بالسمنة، فيما تسجل هذه الآفة معدلات متسارعة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.

وذكرت الدراسة، التي نشرتها مجلة "ذي لانسيت" العلمية البريطانية مؤخراً، وساهمت فيها منظمة الصحة العالمية، أن معدلات السمنة بين البالغين زادت في كل أنحاء العالم أكثر من الضعف ما بين عامي 1990 و2022، و4 مرات لدى الأطفال والمراهقين بين 5 و19 عاماً.

وتستند هذه النتائج، التي تعتبر من أكثر التقديرات المستقلة موثوقية، إلى بيانات من أكثر من 220 مليون شخص في أكثر من 190 دولة.

ولاحظ مدير إدارة التغذية وسلامة الأغذية بمنظمة الصحة العالمية، البروفيسور فرانشيسكو برانكا، خلال مؤتمر صحافي، أن هذا "الوباء" ينتشر "بسرعة أكبر مما كان متوقعاً".

وكانت التوقعات تشير إلى أن تجاوز عتبة مليار شخص يعاني السمنة سيحدث بحلول عام 2030 تقريباً، بحسب البروفيسور ماجد عزتي من "إمبريال كوليدج" في لندن، أحد المعدّين الرئيسيين للدراسة.

وبيّنت الدراسة، التي استندت إلى بيانات نحو 220 مليون شخص في أكثر من 190 دولة، أن عدد الأشخاص الذي يعانون السمنة ارتفع من 195 مليون بالغٍ عام 1990 إلى نحو 880 مليوناً، من بينهم 504 ملايين امرأة و374 مليون رجل.

وزاد معدل السمنة بين الرجال 3 مرات تقريباً، إذ ارتفع من 4.8% عام 1990 إلى 14% في 2022، وأكثر من الضعف لدى النساء، إذ كان 8.8% وأصبح 18.5%، مع فوارق بين البلدان.

والمقلق أكثر أن عدد الأطفال والمراهقين المصابين بهذا المرض ارتفع في 30 عاماً من 31 مليوناً عام 1990 إلى نحو 160 مليوناً في 2022، منهم 94 مليون فتى و65 مليون فتاة.

وترتبط السمنة، التي تُعدّ مرضاً مزمناً متشابكاً ومتعدد العوامل، بزيادة في معدل الوفيات بسبب أمراض أخرى، كأمراض القلب، والشرايين، والسكّري، وبعض أنواع السرطان.

وكانت جائحة فيروس كورونا، مثالاً على ذلك، إذ شكّل الوزن الزائد خلالها أحد عوامل الخطر. ولاحظت الدراسة أن معدلات السمنة في بعض البلدان منخفضة أو متوسطة الدخل، ولا سيما في بولينيزيا، وميكرونيزيا، ومنطقة البحر الكاريبي، والشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، أعلى من المسجّلة في الكثير من البلدان الصناعية، خصوصاً في أوروبا.

وأشارت الدراسة، إلى أن "عدد مَن يعانون السمنة، أكبر في معظم البلدان من عدد مَن يعانون نقص الوزن" والذي انخفض منذ عام 1990.

تجنب السمنة

يقدم مختصون في علوم التغذية، بمناسبة اليوم العالمي للسمنة، ملاحظات ومعلومات مهمة التي يمكن من خلالها تجنب السمنة ومشاكلها وأمراضها من الضغط والسكري والكوليسترول والتهاب المفاصل وتصلب الشرايين وغيرها.

وفي هذا السياق، يقول الخبير والباحث بعلوم التغذية، عبداللطيف كاظم الموسوي، إن الخبز أكثر خطورة من الرز، إذ إن الخبز من المعجات الصعبة الهضم، بينما الرز سهل الهضم خاصة إذا تم طبخه بالطريقة العراقية التي تسمى بـ(البزل) وعدم الإكثار من الدهن، حينها يكون جيداً وصحياً لأنه يحتوي على كربوهيدرات يحتاجها الإنسان كمصدر للطاقة.

ويضيف الموسوي لوكالة شفق نيوز، كما أن السمنة تأتي نتيجة الزيادة في الأكل (أي زيادة في السعرات الحرارية)، وكذلك المشروبات الغازية والحلويات والعصائر غير الطبيعية، لذلك ينبغي تجنبها.

أما مسألة السمنة عند النساء أكثر من الرجال، يوضح، لأن النساء هن أقل حركة من الرجال، اذ الرجل بإمكانه التحرك أكثر لكن المرأة تبقى في البيت وتتحرك بحدود المطبخ والصالة، لذلك المرأة معرضة للسمنة أكثر.

ولتجنب السمنة والقضاء على الكثير من المشاكل الصحية ينبغي ممارسة رياضة المشي على أقل تقدير من 3 آلاف إلى 5 آلاف خطوة، أي بمعدل نصف ساعة على مدى 4 أيام في الأسبوع، يقول الخبير بعلوم التغذية.

ويؤكد على أهمية تقليل وجبة العشاء التي هي "أم المشاكل"، إذ إن عملية الهضم والامتصاص تقل ليلاً، وتناول تفاحة على سبيل المثال بدال وجبة العشاء أو الموز أو الفراولة أو البرتقال يكفي، وهي مفيدة كونها تحتوي على مضادات أكسدة عالية وبالوقت نفسه تعالج الكثير من الأمراض، إذ تقتل الجذور الحرة التي تأتي نتيجة التغذية أو الأدوية.

ويتابع، لذلك الوجبة الأهم هي الفطور، وكذلك التقليل من الدهون وتجنب الأكلات الدسمة والتقرب من الأكلات الصحية، وفي وجبة الغداء ينبغي تناول الكرفس والمعدنوس والكراث والرشاد، فهذه الخضروات تعمل صيانة للجسم، فهي تكمل عمل الفواكه.

ويشير إلى أن شرب المياه مهم، على أن لا يكون أثناء تناول الطعام، بل بعد الوجبة بساعة على الأقل، أو قبل الوجبة بنصف ساعة، وكذلك العصائر مهمة أيضاً، ولكن الفواكه أفضل، لأن فيها نسبة ألياف عالية، وهذه الألياف تطرد السموم والدهون من المعدة وترميها على الكبد.

العراق التاسع عربياً بمعدلات البدانة

وكان أطلس البدانة العالمي التابع للاتحاد العالمي للسمنة، أصدر في أيار 2023، لائحة بأكثر البلدان تضرراً بالبدانة، مشيراً إلى أن أكثر من نصف سكان العالم معرضون للإصابة بالسمنة هذا العام.

وعلى الرغم من العلاجات الكثيرة والحلول المتعددة وملايين الفيديوهات الداعمة والمساعدة، فإن البدانة ما تزال شبح يطارد الناس في كل العالم، وتسبب الخوف لمن لم تصبه بعد، والأمراض لمن تنال منه.

ووفق تقرير أطلس البدانة العالمي، فإن جزيرة ناورو تشكل فيها البدانة نحو 60%، وبذلك تتصدر معدلات البدانة العالمية.

أما عربياً، فتأتي الكويت في المرتبة الأولى، بمعدل بدانة يبلغ 34%، تليها قطر والسعودية تباعاً. وجاء الأردن في المركز الرابع في معدلات البدانة عربياً، والإمارات في المركز الخامس، فيما يأتي لبنان سادساً.

أما الترتيب العالمي لمعدلات البدانة في باقي الدول العربية، جاء وفق التدرج التالي: 7. البحرين 8. ليبيا 9. العراق 10. عمان 11. مصر 12. سوريا 13. المغرب 14. تونس 15. اليمن 16. موريتانيا 17. الصومال 18. جزر القمر.

فيما دعا تقرير أطلس البدانة جميع الدول إلى "اتباع حلول جديدة ومختلفة عما سبق، كفرض الضرائب والقيود على إنتاج وتسويق الأغذية غير الصحية، والمنتجات ذات الدهون العالية أو الغنية بالسكريات".

30% من العراقيين بدناء

من جهته، يقول إستشاري طب الأسرة، الدكتور علي أبو طحين، إن السمنة مرض خطير واسع الانتشار، ويشهد العالم زيادة كبيرة في حالات السمنة لمختلف الأعمار.

ويضيف أبو طحين لوكالة شفق نيوز، أن 16% من سكان الكرة الأرضية يعانون من السمنة، وفق آخر إحصائية لمنظمة الصحة العالمية، وهذا رقم كبير وفي تزايد، إذ كان قبل نحو 8 سنوات 13 بالمائة، كما أن الأرقام تضاعفت مرتين خلال 30 سنة الأخيرة.

ويتابع، أنه بحسب إحصائية منظمة الصحة العالمية، فإن 30% من العراقيين يعانون السمنة، وبدأ العراق يقترب من الأرقام الخليجية وخاصة عند الأطفال الذين هجروا الشارع ولازموا البيوت للعب بالألعاب الإلكترونية، حتى باتت السمنة بمستوى وباء في عموم العالم.

ويشير إلى أن السبب الرئيسي والمباشر للسمنة يعود إلى تغير أنماط الحياة، في ظل كثرة المطاعم وزيادة الأكلات الدسمة والسريعة الغنية بالدهون، وقلّة الحركة، حتى بات العراق ضمن أكثر 5 دول خمولاً في العالم وخاصة لدى النساء.

ويؤكد، أن العراق شهد زيادة كبيرة في نسبة السمنة خلال السنوات الأخيرة، مع عدم وجود سياسة وطنية واضحة للتصدي للسمنة.

ويرى أبو طحين، أن هناك ضرورة لنشر ثقافة عن أهمية الأكلات الصحية وخاصة عند الأطفال، إذ إن الجيل الجديد لا يتناول الخضروات والفواكه والألبان، بل المشروبات الغازية والحلويات، في وقت أصبح درس الرياضة ثانونياً في المدارس. لذلك هناك حاجة لتفعيل درس الرياضة والنشاط المدني، إلى جانب تشريع قوانين لتقليل السعرات الحرارية في الطعام والمشروبات الغازية، فهي جهود يشترك بها الحكومة والأفراد، يقول أبو طحين.

ويلفت إلى إننا مقبلون على شهر رمضان، وهو فرصة لإنقاص الوزن، رغم أنه تحوّل إلى موسم للأطعمة والتسابق فيها، ونسبة كبيرة من الأشخاص يزداد وزنهم في رمضان بدل نقصانه.

رمضان.. فرصة سانحة

ويتزامن اليوم العالمي للسمنة هذا العام مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، وتقدم فترة الصيام اليومية، الممتدة من الفجر إلى غروب الشمس، طريقة منظمة لإعادة ترتيب علاقة المرء بالطعام، وتُعد فرصة سانحة لاكتساب عادات صحية يمكن أن تؤدي إلى فقدان منتظم للوزن، ومن ثَم، تحسين العافية.

وتشير البيّانات إلى أن الصيام يمكن أن يؤثر إيجابيّاً على الصحة، بما في ذلك من خلال تعزيز الجهاز الهضمي وتحسين كفاءته. ويمكن أيضاً أن يساعد على ضبط مستويات الدهون والسكّر في الدم، ومن ثَم، خفض ضغط الدم والكولسترول وتحسين صحة القلب.

العراقيون ثاني أكسل شعب في العالم

أظهرت الدراسات البحثية، أن مجرد 30 دقيقة من التمارين الرياضية لمدة خمسة أيام في الأسبوع يمكن أن يكون لها فوائد صحية كبيرة. ورغم أن هذا الرقم يعد منخفضاً نسبياً، إلا أن ثمة بعض الشعوب الذين لا يمارسون التمارين الرياضية أو يقصرون في ممارسة الأنشطة البدنية، مقارنة مع معايير منظمة الصحة العالمية. وبعد رصد نشاطهم الحركي تبين أنهم أكسل الشعوب على وجه الأرض.

شملت الدراسة التي نشرت عام 2021، بلدان من مختلف دول العالم، حيث تم تصنيف أكثر 5 شعوب كسلاً على وجه الأرض. وتصدرت القائمة 3 بلدان عربية، بما فيها العراق. صنّفت ‏السعودية والعراق والكويت في قائمة NewsPatrolling لأكثر خمس شعوب كسلاً على وجه الأرض.

وجاء ترتيب الشعوب على الشكل التالي: حلت البرازيل في المرتبة الاولى للشعوب الأكثر كسلاً على وجه الأرض. وبينت الدراسة أن الناس في البرازيل أقل نشاطاً بنسبة 47%، مقارنة بإرشادات النشاط البدني التي تحددها منظمة الصحة العالمية.

أما العراق فقد جاء في المرتبة الثانية. وتبين أن العراقيين يقصرون في مستوى النشاط البدني بنسبة 52%، مقارنة بالمعايير التي حددتها الصحة العالمية. الناس في المملكة العربية السعودية هم ثالث أكثر الناس كسلاً في العالم. إذ إن مستويات نشاطهم أقل بنسبة 53%. في المرتبة الرابعة، سكان ساموا الأميركية حيث أن مستوى النشاط البدني لديهم 53.4% أقل من المعايير المحددة. وفي المرتبة الخامسة والأخيرة، حل سكان الكويت. فمقارنة مع معايير النشاط البدني المحددة، يقصر سكان الكويت بنسبة هائلة تصل إلى 67%.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon