"ظاهرة سلبية خطيرة" قرب الأماكن المقدسة في العراق

"ظاهرة سلبية خطيرة" قرب الأماكن المقدسة في العراق
2023-12-11T08:04:11+00:00

شفق نيوز/ تكتظ محافظتي كربلاء والنجف بالمتسوّلين ومن جنسيات مختلفة، خاصة قرب مراقدهما الدينية، في ظاهرة كما تصفها وزارة الداخلية "ظاهرة سلبية خطيرة"، وتعود لأشخاص يمتهنون التسوّل لجني الأموال الكثيرة بسهولة، وليس عن حاجة وفقر.

ويمثل التسول ظاهرة منتشرة في العراق رغم الحملات التي تطلقها وزارة الداخلية والوزارات والجهات المعنية الأخرى في سبيل معالجتها والحد منها، فيما يرجع مختصون استمرار هذه الظاهرة إلى عدة أسباب أبرزها الفقر.

وكانت وزارة التخطيط العراقية قد كشفت في نيسان الماضي، عن أن نسبة الفقر في البلاد تبلغ 22 بالمائة، (أي ما يعادل نحو 10 ملايين نسمة) في بلد يربو عدد سكانه على 43 مليوناً.

أعداد المتسوّلين تثير الاستغراب

تعرب المواطنة أم أحمد من محافظة ميسان، عن استغرابها لما رأته عند زيارتها إلى محافظة كربلاء من كثرة المتسوّلين خصوصاً قرب مرقد الإمام الحسين وضريح الإمام العباس.

تقول أم أحمد لوكالة شفق نيوز، "تحدثت مع إحدى المتسوّلات الشابات للاستفسار عن سبب لجوئها إلى الاستجداء، لمساعدتها في حال أقنعت بظروفها، لكن المفاجأة أنها رفضت الإفصاح عن أي معلومات وابتعدت مسرعة، خشية كشف حقيقتها على ما اعتقد".

تحوّلت من الطابع الإنساني إلى التجاري

وفي هذا السياق، يقول الناشط المدني، علي الخطيب، من محافظة النجف، إن "ظاهرة التسوّل تحوّلت من طابعها الإنساني إلى طابع تجاري مسيطر عليه من عصابات تستخدم الأطفال وذي الاحتياجات الخاصة وغيرهم لاستحصال الأموال".

ويؤكد الخطيب لوكالة شفق نيوز، أن "التسوّل مستهجن اجتماعياً لكثرة مضاره واستخداماته السيئة، حيث بات المتسوّلين يُستخدمون لتجارة المخدرات والجرائم المختلفة، كما يُستغلون أيضاً في جانب الاتجار بالأعضاء البشرية وغيرها".

اياد خفيّة خلف المتسوّلين

من جهته، لا يستبعد أستاذ القانون الدولي، الدكتور حميد الهلالي، من محافظة كربلاء، "وجود أياد خفية تقف خلف ظاهرة التسوّل في ظل الأعداد الكبيرة لهم وبأعمار متنوّعة من الأطفال الصغار إلى المسنين الكبار، وتجد منهم السليم والمعاق، ينتشرون في الساحات والتقاطعات وعموم محافظة كربلاء".

ويعزو الهلالي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، انتشار ظاهرة التسوّل في كربلاء إلى "الهجرة غير المنتظمة إليها، فهي أكثر محافظة جاذبة للمتسوّلين لتوفر فرص العمل والزيارات الدينية فيها، فضلاً عن استغلالهم لغايات أخرى من قبل عصابات الجريمة المنظمة".

إجراءات قانونية

بدوره، يؤكد مدير إعلام قيادة شرطة النجف، المقدم مفيد سالم محمد، أن "التسوّل يعد من الظواهر السلبية الخطيرة، وأعدادهم داخل محافظة النجف لا تختلف عن باقي المحافظات". 

ويضيف محمد لوكالة شفق نيوز، أن "الأجهزة الأمنية تطبق الإجراءات القانونية بحق المخالفين حسب توجيه قائد شرطة المحافظة، اللواء محمد سامي مظلوم".

التسوّل يمس أمن المجتمع

وفي هذا الصدد، يقول مدير مكافحة الاتجار بالبشر، العميد مصطفى الياسري، إن "وزير الداخلية رئيس اللجنة المركزية لمكافحة الاتجار بالبشر، عبدالأمير الشمري، أوعز في آذار الماضي - عندما تحوّل قسم مكافحة الاتجار بالبشر من وكالة شؤون الشرطة إلى وكالة الاستخبارات لكون جريمة الاتجار بالبشر جريمة عابرة للوطنية - بإجراء حملة للقضاء على ظاهرة التسوّل التي تمس أمن المجتمع".

ويضيف الياسري لوكالة شفق نيوز، "وبناءً على ذلك، تم الشروع بالحملة بإسناد من مجلس القضاء الأعلى، للقضاء على هذه الظاهرة في أول يوم من شهر رمضان الماضي، وكانت الحصيلة 579 متسولاً في بغداد والمحافظات، وتم الحكم على أغلبهم بالحبس لمدة 3 أشهر وبغرامة مالية، وبعدها تم تنفيذ حملة أخرى في بغداد وبقية المحافظات أسفرت عن القبض على 350 متسولاً".

ويشير، إلى أن "أغلب المتسوّلين يمتهنون التسوّل وليس عن حاجة، نظراً للأموال الكبيرة التي يحصلون عليها من الاستجداء، وهناك توجيهات بصرف رواتب اعانة من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية للمتسوّلين الفقراء المحتاجين فعلاً". 

ويوضح، أن "المتسوّلين الأجانب يدخلون أحياناً - في أوقات الزيارة - إلى محافظتي كربلاء والنجف، ويبقون في البلاد حتى بعد انتهائها، أما في بغداد فإن أعدادهم قليلة نظراً لوجود حملات مركزة عليهم، وتم الحد بنحو 70 بالمائة من حالات التسوّل، والحملة مستمرة". 

عقوبة التسوّل

يوضح الخبير القانوني، علي التميمي، عقوبة تجنيد الأطفال لأغراض التسول وقانون مكافحة الاتجار بالبشر بالقول: "يعاقب قانون العقوبات العراقي في المواد 390. 391. 392 منه بالحبس البسيط والغرامات على التسوّل أو الإيداع في دور الدولة في حالة التكرار"، منوهاً إلى أنه "عند التمعن في نص المواد أعلاه تجدها تجيز التسوّل لمن لا عمل له، هكذا يفهم النص"، مؤكداً "لست مع العقوبات، لكن عند إيجاد البدائل يمكن إيقاع العقاب".

ويضيف لوكالة شفق نيوز، أن "قانون الاتجار بالبشر 28 لسنة 2018، عاقب بالحبس إلى الإعدام والغرامات من 5 إلى 10 ملايين دينار على الاتجار بالبشر"، وأجاب على تساؤل: هل يمكن اعتبار تجنيد الصغار والاستجداء بهم للاتجار بالبشر؟، قائلاً: "اتفق مع ذلك لأنه تجارة بأدوات صغيرة غير قابلة لاتخاذ القرار، وهو قتل لمستقبلهم، وهذه لو طبقت لأنهت الكثير من مافيات التسوّل".

ويشير إلى أن "قانون رعاية الأحداث العراقي 76 صدر عام 1983، وهو يحتاج إلى تعديل بهذا الجانب لمعالجة مشكلة الطفولة التي تحتضر في العراق"، لافتاً إلى أن "تطبيق قانون مكافحة الاتجار بالبشر يحتاج الى جهد استخباري عالي وتعاون مجتمعي وتفعيل البلاغات، ويحتاج إلى تعديل بهذا الجانب".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon