اقتراح استرالي لتعاون دول حوض دجلة والفرات: العراق مائيا يتدهور

اقتراح استرالي لتعاون دول حوض دجلة والفرات: العراق مائيا يتدهور
2023-10-20T19:52:27+00:00

شفق نيوز/ حذر "المعهد الاسترالي للسياسة الاستراتيجية" من تزايد تدهور الوضع المائي في العراق في وقت تتسبب التوترات القائمة حول المياه بين دول نهري دجلة والفرات، باضعاف امكانية التوصل الى توافق بينها حول التقاسم العادل للمياه، لكنها في الوقت نفسه تدفع باتجاه جعل الجهود الدبلوماسية اكثر الحاحا من اجل الاتحاد والعمل معا. 

 وفي التقرير الاسترالي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ ذكّر بتظاهرة جرت في 18 تموز/يوليو الماضي في ساحة النسور حيث تجمع عراقيون احتجاجا بالقرب من السفارة التركية، فيما يعكس استعراضا للإحباط الجماعي في العراق، ويعكس لحظة مهمة في ازمة المياه المستمرة في العراق، ويسلط الضوء أيضا على التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط بشأن الموارد المائية المشتركة، وتداعيات التغيير المناخي وسوء الإدارة.

وبحسب التقرير فان العراقيين يشعرون بالسخط طال أمده بسبب أزمة المياه، مضيفا أنه في ظل تضاؤل ​​فرص الحصول على مياه الشرب والانخفاض الكبير في منسوب الأنهار، فإن المواطنين يخرجون الى الشوارع للمطالبة بمحاسبة الحكومة التي ينظرون إليها باعتبار أنها لم تحسن التعامل مع أهم موارد البلد. 

واوضح التقرير ان ندرة المياه في العراق مرتبطة بجغرافيته عند تقاطع معقد للموارد المائية، حيث يشكل نهرا دجلة والفرات، اللذان ينبعان من تركيا وايران المجاورتين، شريان الحياة الحيوي للعراق، لكن الطلب المتواصل على المياه عند المنبع دفع هذين البلدين الى بناء السدود والتحويلات التي تحد من التدفقات في اتجاه مجرى النهر، مما يؤدي إلى تدمير إمدادات المياه في العراق.

ولفت التقرير الانتباه الى التوازن الدقيق المطلوب بين الدول المتقاسمة للمياه والحاجة الضرورية للتعاون في إدارتها، مذكرا في هذا الإطار، بالسدود المثيرة للجدل والتي بنتها تركيا وإيران على نهري دجلة والفرات لأنها تسببت بتغيير كبير في تدفقات المياه في مجرى النهر في العراق.

وبعدما اعتبر التقرير أن التوترات جعلت من الصعب التوصل الى توافق في الآراء بشأن اتفاقيات التقاسم العادل للمياه، قال إن هذا الوضع جعل أيضا الجهود الدبلوماسية لتعزيز التعاون اكثر الحاحا.

وتابع التقرير؛ أن المياه تشكل عنصرا محوريا في تطور أي بلد، ولكن في ظل النمو السكاني الكبير الذي يشهده العراق وتزايد الطلب على الغذاء، فان المياه هي الأكثر تضررا، مشيرا الى ان نهري دجلة والفرات يزودان سوريا والعراق، يزودان الغالبية العظمى من الناس بالمياه، وبينما يوفر نهر الفرات حوالي 85% من المياه المتجددة في سوريا، فان النهرين مجتمعين يشكلان ما يقرب من 100% من إمدادات العراق، بينما تتوزع ملكية احواض الانهار بين تركيا وسوريا والعراق والسعودية والأردن.

واشار الى ان نهر دجلة ينبع من بحيرة الهزار في الأناضول ويتدفق خارج تركيا عبر سوريا والعراق قبل أن يلتقي بالفرات عند قناة شط العرب في الجنوب العراقي. 

ولفت إلى أن الصراع على المياه في حوض دجلة والفرات ظل مستمرا منذ ستينيات القرن العشرين، إذ تنافست تركيا وسوريا والعراق لبناء مخططات واسعة لإمدادات المياه. 

وتابع التقرير أن سيطرة تركيا على 88.7% من الإمكانيات المائية لحوض الفرات تشكل الضغط الرئيسي على العلاقات المائية. 

وبالإضافة إلى ذلك، فإن ملوحة نهر الفرات على الحدود السورية -العراقية، تتزايد بشكل يتجاوز المستويات المستدامة، مما يعرقل نشاط الري، وأنه برغم ذلك بدأت البلدان الثلاثة في تنفيذ خطط تنمية واسعة لاستغلال المزيد من هذه المياه لكل تحاول تحقيق الأمن الغذائي لسكانها الذين تتزايد أعدادهم بسرعة.

ولفت التقرير إلى أن المياه استخدمت كسلاح خلال حربي العراق وسوريا بشكل متكرر، مشيرا على سبيل المثال إلى أنه في أيار/مايو 2015، سيطر تنظيم داعش على سد الرمادي وعمد الى تقليص تدفق مياه نهر الفرات، وحوّلها إلى بحيرة الحبانية، وهو ما تسبب باستنزاف إمدادات المياه في عدة محافظات، مما الحق الضرر بالمجتمعات المدنية. وتابع ان بعض الاطراف الاخرى خلال الحرب في سوريا هددت باستخدام الوصول الى المياه كسلاح لمعاقبة السكان او التاثير عليهم، مما ادى الى تفاقم ازمة المياه القاسية بالفعل.

واعتبر التقرير أن التوترات الطويلة الأمد والتحديات البيئية وتأثير الحرب تضافرت كلها معا لدفع أزمة المياه إلى مستوى حرج، مضيفا أن معالجة هذه المشكلة لا تتطلب ممارسات مستدامة لادارة المياه في كل دولة على الأنهار فحسب، وإنما سوف يتطلب الامر ايضا حلا افضل للصراعات، والبنية التحتية، والمساعدات الإنسانية في جميع أنحاء المنطقة لحماية الوصول إلى المياه النظيفة.

وحذر التقرير بالقول من أنه في ظل استمرار التغير المناخي، فسوف يتدهور الوضع المائي في العراق ويضغط على قدرة البلاد بشكل اكبر، مضيفا ان التغير المناخي ينذر بالسوء في الشرق الاوسط. 

واضاف ان تحديات الحوكمة أثرت على قدرة العراق على إدارة موارد المياه بشكل فعال، حيث أن عقودا من الصراع عرقلت بقوة صيانة وتطوير البنية التحتية الاساسية، بينما تسبب سوء الادارة والفساد والافتقار الى سياسات متماسكة، الى تفاقم ازمة المياه، وتصاعد استياء مواطني العراق وتسليط الضوء على الحاجة إلى حكم قوي ويخضع للمساءلة.

وبرغم ذلك، قال التقرير؛ إن هناك خطوات جرت في الاتجاه الصحيح، اذ ان العراق انضم مؤخرا إلى "اتفاقية حماية واستخدام المجاري المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية"، ليصبح بذلك الدولة الاولى في الشرق الاوسط التي تقوم بذلك. ووصف التقرير هذا القرار بانه "تاريخي" إذ يجعل العراق الطرف ال49 المنضوي في الاتفاقية ويعكس التزامه بالتعاون عبر الحدود في مجال المياه، كما ان  العراق اختار المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمياه.

والى جانب ذلك، قال التقرير ان العراق سعى الى التعاون بشكل أفضل مع تركيا، وهما في في مارس/آذار وقعتا اتفاقا لمضاعفة اطلاقات المياه من السدود على نهر دجلة لمدة شهر واحد، واكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان على خططهما لإنشاء مركز مشترك لأبحاث الموارد المائية في بغداد للتعامل بشكل تعاوني مع تحديات المياه وتطوير استراتيجيات الإدارة المستدامة للمياه.

وختم التقرير بالقول انه بسبب ان المنطقة تضم 12 دولة من أكثر الدول التي تعاني من شح المياه على هذا الكوكب، فإنه لا يمكن التقليل من أهمية الإدارة الفعالة والتعاونية للمياه، مضيفا أن المجتمعات في الشرق الأوسط تعتمد على المياه العابرة للحدود الدولية، ولهذا فإن التعاون مطلوب لضمان الوصول العادل لها واستخدامها بشكل مسؤول.

ترجمة: وكالة شفق نيوز

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon