من مونتيفيديو إلى نيوجيرسي، كيف تضاعف عدد المنتخبات في كأس العالم أكثر من 3 مرات؟

من مونتيفيديو إلى نيوجيرسي، كيف تضاعف عدد المنتخبات في كأس العالم أكثر من 3 مرات؟
AFP via Getty Images
Sun, 7 Dec 2025 04:15:48 GMT
bbc news arabic header storypage
عرض لمجسم كأس بطولة كأس العالم 2026 قبل إجراء قرعة التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى المونديال
AFP via Getty Images
بدأت بطولة كأس العالم بمشاركة 13 منتخباً، وبعد أشهر سيشارك 48 منتخباً في مونديال 2026

لم يعرف نظام بطولة كأس العالم لكرة القدم استقراراً منذ انطلاق نسختها الأولى في عام 1930، فاستمرت التعديلات على نظام المسابقة الأبرز في اللعبة الأكثر شعبية في العالم.

خلال النسخ الـ 22 من المونديال، أُلغيت مراحل واستبدلت بأخرى، ولُعبت بطولة بدون مباراة نهائية، واضطرت دولة مضيفة لخوض تصفيات تأهيلية.

وتواصل تزايد عدد المنتخبات المشاركة في المونديال تدريجياً، حتى وصل عددها إلى 48 منتخباً مع إمكانية الوصول إلى 64 في عام 2030، في مقترح سيتعامل معه الاتحاد الدولي لكرة القدم المعروف اختصاراً بـ (فيفا).

بطولتان بدون دور المجموعات

أُقيمت النسخة الأولى من كأس العالم في الأوروغواي منذ نحو قرن، بمشاركة 13 منتخباً من ثلاث قارات مختلفة: 7 من أمريكا الجنوبية و4 من أوروبا، إضافة إلى منتخبين من أمريكا الشمالية.

ولم تقم أي تصفيات مؤهلة إلى المونديال لعدم وصول عدد المنتخبات إلى 16، رغم توجيه دعوات للدول المنضوية تحت لواء (فيفا)، حسبما ذكر الاتحاد الدولي.

ولم ترحّب بعض الدول الأوروبية باختيار الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية؛ بسبب الاضطرار لاجتياز مسافات طويلة عبر المحيط الأطلسي، فاقتصرت المشاركة على أربعة هي فرنسا وبلجيكا ورومانيا ويوغوسلافيا.

قُسمت المنتخبات المشاركة في كأس العالم الأولى إلى ثلاث مجموعات من ثلاثة منتخبات وواحدة من أربعة، ويتأهل متصدر كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي مباشرة.

وأقيمت المباريات جميعها في العاصمة مونتيفيديو، وشُيد لهذه المناسبة ملعب سنتيناريو الضخم الذي يتسع لـ 100 ألف متفرج.

أما في نسختي 1934 و1938 أُجريت تعديلات جوهرية.

فعلى النقيض من شكل دور المجموعات في عام 1930، تحولت البطولتين في إيطاليا وفرنسا على التوالي إلى نظام خروج المغلوب فقط.

وتُعدّ النسختان الثانية والثالثة من المونديال الوحيدتين في تاريخ كأس العالم اللتين أُقيمتا دون دور مجموعات.

وزاد عدد المدن المضيفة، من مدينة واحدة في عام 1930 إلى ثمانية في 1934، مع ارتفاع عدد المشاركين إلى 16 منتخباً، وهي 12 منتخباً أوروبياً ومنتخبين من أمريكا الجنوبية، ومنتخب من كل من أمريكا الشمالية وأفريقيا حينما أصبحت مصر أول دولة عربية وأفريقية تصل إلى البطولة.

وللمرّة الأولى أُجريت تصفيات لحسم هوية المتأهلين الـ16.

وفي تلك النسخة كان شبح عدم مشاركة الدولة المضيفة في المنافسات وارداً للمرة الأولى والوحيدة، فاضطرت إيطاليا إلى خوض التصفيات فحققت فوزاً على اليونان بأربعة أهداف دون رد، لتتأهل إلى النهائيات.

وقاطعت الأوروغواي البطولة، غاضبةً من رفض إيطاليا المشاركة في النسخة الأولى.

والأوروغواي هي الدولة الوحيدة التي فازت بكأس العالم ولم تدافع عن لقبها، وفقاً للفيفا.

في فرنسا أقيمت النسخة الثالثة من المونديال في 1938، قبل بدء الحرب العالمية الثانية، اعترافاً بجميل رئيس فيفا، جول ريميه، الذي يعود إليه الفضل بإطلاق البطولة.

وشارك في المنافسات 15 منتخباً بينها 12 من أوروبا وممثل عن آسيا للمرة الأولى وهو إندونيسيا (جزر الهند الشرقية الهولندية) التي استمرت رحلتها الطويلة والشاقة إلى القارة الأوروبية لمدة شهرين تقريباً.

وأعفيت المضيفة فرنسا وحاملة اللقب إيطاليا من خوض التصفيات وذلك لأول مرة.

وأدى استضافة البطولة في أوروبا للمرة الثانية توالياً، إلى انسحاب منتخبات مثل الأوروغواي والأرجنتين والمكسيك والولايات المتحدة.

وقال الصحفي خالد الغول لبي بي سي، إن المنتخبات التي كانت تريد المشاركة في بطولات المونديال الأولى واجهت "صعوبة في التنقل"، وبعضها الآخر "مشاكل سياسية".

وأوضح الغول الذي عمل معلقاً على مباريات 6 نسخ من كأس العالم، أن المقاعد المؤهلة إلى المونديال كانت محدودة، مقارنة مع التوسع الحالي.

توقف قسري

ممثلو الاتحاد الإيطالي لكرة القدم يقدمون كأس جول ريميه (كأس العالم) لنظرائهم البرازيليين قبل يومين من بدء مونديال 1950
AFP via Getty Images
ممثلو الاتحاد الإيطالي لكرة القدم يقدمون كأس جول ريميه (كأس العالم) لنظرائهم البرازيليين قبل يومين من بدء مونديال 1950

ألقت الحرب العالمية الثانية بظلالها على المونديال فعلقت إقامته 12 عاماً، وعاد الحدث الذي طال انتظاره من جديد في 1950 في البرازيل بعد نسختين في أوروبا، مع قرار بإطلاق اسم جول ريميه على الكأس.

وشارك في تلك النسخة 13 منتخباً فقط كما حدث في النسخة الأولى، فيما عاد دور المجموعات من جديد.

وبطولة ذلك العام هي الوحيدة التي لم تتضمن مباراة نهائية.

أُقيم الدور الثاني بنظام مجموعة من أربعة منتخبات (البرازيل والأوروغواي والسويد وإسبانيا)، على أن يُتوج باللقب المنتخب الذي يحصد العدد الأكبر من النقاط.

لكن الصدفة جعلت المقابلة الأخيرة، بمثابة "نهائي"، بعد أن جمعت بين البرازيل التي كانت تحتاج نقطة التعادل للتتويج على ملعب ماراكانا الشهير، والأوروغواي التي قلبت التوقعات، وحققت الفوز الذي كانت تحتاجه للتتويج.

"في النسخ الأربع الأولى من كأس العالم تراوح عدد المباريات التي لُعبت في كل نسخة بين 17 و22 مباراة", Source: فيفا, Source description: , Image: فريق الأوروغواي يدخل إلى أرض الملعب قبل نهائي كأس العالم 1930

مرحلة مجموعات إضافية

وبدءاً من نسخة سويسرا عام 1954 استقر عدد المشاركين في المونديال عند 16 منتخباً لكن غالبيتها من أوروبا، وبلغ عدد المباريات في كل نسخة بين 26 و38 لقاء حتى عام 1978.

وقدمت نسخة 1954 نظاماً "حاز على إعجاب الجمهور واللاعبين على حد سواء" بحسب فيفا، وسط تقسيم 16 منتخباً إلى أربع مجموعات، بـ 4 فرق لكل مجموعة، مع تأهل الأول والثاني من كل مجموعة إلى الدور ربع النهائي.

وفي سويسرا تمّ التخلي عن نظام المجموعة في الدور النهائي، فعادت الأدوار الاقصائية بدءاً من ربع النهائي، بعد دور أول لم يشهد مواجهة أول مصنَّفَين في كل مجموعة.

لكن هذا النظام عُدل في نسخة السويد 1958، بعدما تقرر أن يلعب كل فريق مع الفرق الثلاث الأخرى في مجموعته من أجل تحديد من سيصل إلى الدور ربع النهائي.

وفي ظل هذا العدد من المنتخبات، حقق الأسطورة بيليه اللقب 3 مرات (في أعوام 1958 و1962 و1970)، وتُوجت إنجلترا بلقبها الوحيد أمام جماهيرها في عام 1966، ورفع الراحل فرانز بيكنباور الكأس الثمينة في ميونخ عام 1974.

غير أنه في نسختي ألمانيا الغربية 1974 والأرجنتين 1978، أدخل "المزيد من الابتكارات" بحسب فيفا، مع استبدال الدور ربع النهائي ونصف النهائي بمرحلة المجموعات الثانية، بمجموعتين من أربعة فرق لكل منهما، إذ يحصل صاحب المركز الأول على مكان في النهائي، بينما يتنافس الوصيف في مباراة المركز الثالث.

مباراة الجزائر شرارة تغيير

"مع التطور السريع لكرة القدم في دول العالم" اختار فيفا زيادة عدد المشاركين في المونديال بدءاً من عام 1982 إلى 24 منتخباً، وهو ما رفع عدد المباريات في كل نسخة إلى 52 مباراة.

في نسخة إسبانيا عام 1982، تنافست منتخبات من خمس قارات على اللقب الأغلى.

وبدأت البطولة بست مجموعات من أربعة فرق لكل مجموعة، على أن يتأهل أول فريقين من كل مجموعة للمرحلة الثانية التي تتكون من أربع مجموعات بواقع ثلاثة منتخبات لكل مجموعة.

ويصل أول كل مجموعة للدور نصف النهائي.

وفي نسخة المكسيك عام 1986، بات مفهوم دور المجموعات الثاني من الماضي.

وبدلاً منه، انضمت الفرق الأربعة الأفضل بين أصحاب المركز الثالث في المجموعات الستة إلى أول فريقين فيها لتشكيل دور ثمن النهائي المكون من 16 فريقاً، وهي مرحلة لم تشهدها كأس العالم منذ 1938.

وتكرر هذا النظام في مونديالي 1990 و1994.

ولتلافي الأزمة التي حدثت بعد "موقعة خيخون" في مونديال 1982 التي جمعت النمسا وألمانيا الغربية التي انتهت بتفوق الأخيرة بهدف نظيف وهي النتيجة التي تؤهل الجارتين معاً، بعد معرفة نتيجة مباريات المتنافسين الآخرين في المجموعة، قرر الفيفا إقامة آخر مباراتين من المجموعة ذاتها في الدور الأول في توقيت واحد.

وجاءت هذه المباراة بعد مفاجأة مدوية صنعها المنتخب الجزائري بالفوز على ألمانيا الغربية.

ورأت الجزائر أن هناك مؤامرة لإخراجها، مما أطلق شرارة لتغيير النظام في البطولات اللاحقة.

"أقرب إلى مثالي"

أطفال في ملعب في تولوز يجلسون لتشكيل تميمة كأس العالم في فرنسا عام 1998 التي تدعى "فووتيكس"
AFP via Getty Images

ابتداءً من عام 1998، دخل نظام كأس العالم مرحلة جديدة مع توسيع عدد المنتخبات إلى 32.

وأصبح النظام يحدد عدد المجموعات بثمانية، يتأهل منها الأول والثاني من كل مجموعة إلى دور ثمن النهائي.

وأقيمت النهائيات بمشاركة هذا العدد "نظراً لتفكّك كتلة الشرق وارتفاع عدد المنضوين تحت لواء فيفا (151 في 1985 وأكثر من مئتين في 2000)".

وهذا النظام رفع عدد المباريات إلى 64، واستمر حتى مونديال قطر 2022.

ورأى الصحفي خالد الغول أن نظام 32 فريقاً "أقرب إلى الوضع المثالي"، من ناحية المنافسة ومنح الفرص لكل المنتخبات.

وقال فيفا إن "هذا الشكل الذي قُدم مع دخول كأس العالم إلى حقبة القرن الحادي والعشرين، أثبت شعبيته الكبيرة بين المشجعين وزاد من المستوى العام للمنافسة، بالإضافة إلى ذلك، سمح لعدد من المنتخبات بالتواجد الدائم في البطولة".

وأشار فيفا إلى أن توسيع كأس العالم إلى 32 منتخباً "أتاح الفرص أمام العديد من البلدان للتأهل لأكبر مسابقة لكرة القدم … واغتنم ما لا يقل عن 19 فريقًا (من قارات مختلفة) الفرصة للظهور لأول مرة في الفترة بين عامي 1998-2022".

وذكر الاتحاد الدولي أن "البطولة أصبحت أكثر شمولاً في ظل الشكل الجديد"، وأصبح المونديال "أكثر عالمية".

"تجربة مشوقة"

بحسب الاتحاد الدولي فإن البطولة العريقة "ستخطو خطوة جديدة وتاريخية إلى الأمام" في النسخة الموسعة التي ستشمل 48 منتخباً، مما يرفع عدد المباريات إلى 104.

وستعود فكرة أفضل الثوالث من جديد إلى مونديال كندا والمكسيك والولايات المتحدة صيف العام المقبل، وسيُستحدث دور غير مسبوق وهو دور الـ32 بنظام خروج المغلوب بعد انقضاء دور المجموعات.

وأبدى الغول حماساً لهذه النسخة من المونديال.

"تجربة جديدة مشوقة قد يكون فيها فرص كثيرة للفرق" مع تأهل 32 فريقاً إلى الدور الثاني، مما يمنح 8 ثوالث من المجموعات البالغ عددها 12 فرصة إضافية للمنافسة، وفق الغول.

وقدم اتحاد أمريكا الجنوبية مقترحاً لرفع عدد المنتخبات المشاركة في كأس العالم 2030 إلى 64 منتخباً بالتزامن مع مرور 100 عام على انطلاق البطولة وهو ما لاقى معارضة من اتحادات قارية أخرى.

bbc footer storypage
Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon